توفى سحر يوم السبت السادس عشر من شوال منها، ودفن إلى جانب أبى إسحاق الشيرازي بباب أبرز.
[المؤتمن بن أحمد]
ابن على بن الحسين بن عبيد الله، أبو نصر الساجي المقدسي، سمع الحديث الكثير، وخرج وكان صحيح النقل، حسن الحظ، مشكور السيرة لطيفا، اشتغل في الفقه على الشيخ أبى إسحاق الشيرازي مدة، ورحل إلى أصبهان وغيرها، وهو معدود من جملة الحفاظ، لا سيما للمتون، وقد تكلم فيه ابن طاهر. قال ابن الجوزي: وهو أحق منه بذلك، وأين الثريا من الثرى؟ توفى المؤتمن يوم السبت ثانى عشر صفر منها، ودفن بباب حرب والله أعلم.
[ثم دخلت سنة ثمان وخمسمائة]
فيها وقع حريق عظيم ببغداد. وفيها كانت زلزلة هائلة بأرض الجزيرة، هدمت منها ثلاثة عشر برجا، ومن الرها بيوتا كثيرة، وبعض دور خراسان، ودورا كثيرة في بلاد شتى، فهلك من أهلها نحو من مائة ألف، وخسف بنصف قلعة حران وسلم نصفها، وخسف بمدينة سميساط وهلك تحت الردم خلق كثير. وفيها قتل صاحب حلب تاج الدولة ألب أرسلان بن رضوان بن تتش، قتله غلمانه، وقام من بعده أخوه سلطان شاه بن رضوان. وفيها ملك السلطان سنجر بن ملك شاه بلاد غزنة، وقام من بعده أخوه سلطان شاه بن رضوان. وفيها ملك السلطان سنجر بن ملك شاه بلاد غزنة، وخطب له بها بعد مقاتلة عظيمة، وأخذ منها أموالا كثيرة لم ير مثلها، من ذلك خمس تيجان قيمة كل تاج منها ألف ألف دينار، وسبعة عشر سريرا من ذهب وفضة، وألف وثلاثمائة قطعة مصاغ مرصعة، فأقام بها أربعين يوما، وقرر في ملكها بهرام شاه، رجل من بيت سبكتكين، ولم يخطب بها لأحد من السلجوقية غير سنجر هذا، وإنما كان لها ملوك سادة أهل جهاد وشنة، لا يجسر أحد من الملوك عليهم، ولا يطيق أحد مقاومتهم، وهم بنو سبكتكين. وفيها ولى السلطان محمد للأمير آقسنقر البرشقي الموصل وأعمالها، وأمره بمقاتلة الفرنج، فقاتلهم في أواخر هذه السنة فأخذ منهم الرها وحريمها وبروج وسميساط، ونهب ماردين وأسر ابن ملكها أياز إيلغازي، فأرسل السلطان محمد إليه من يتهدده ففر منه إلى طغتكين صاحب دمشق، فاتفقا على عصيان السلطان محمد، فجرت بينهما وبين نائب حمص قرجان بن قراجة حروب كثيرة، ثم اصطلحوا. وفيها ملكت زوجة مرعش الافرنجية بعد وفاة زوجها لعنهما الله. وحج بالناس فيها أمير الجيوش أبو الخير يمن الخادم، وشكر الناس حجهم معه.
[ثم دخلت سنة تسع وخمسمائة]
فيها جهز السلطان غياث الدين محمد بن ملك شاه صاحب العراق جيشا كثيفا مع الأمير برشق ابن إيلغازي صاحب ماردين إلى صاحب دمشق طغتكين، وإلى آقسنقر البرشقي ليقاتلهما، لأجل