مرة على قصة إلى الخليفة المقتفى: محمد بن عبد الله الرسول، فكتب الخليفة تحت ذلك:ﷺ.
قلت: وقد فوض إليه نور الدين نظر الجامع ودار الضرب والأسوار، وعمر له المارستان والمدارس وغير ذلك وكانت وفاته في المحرم من هذه السنة بدمشق.
[الخطيب شمس الدين]
ابن الوزير أبو الضياء خطيب الديار المصرية، وابن وزيرها، كان أول من خطب بديار مصر للخليفة المستضيء بأمر الله العباسي، بأمر الملك صلاح الدين، ثم حظي عنده حتى جعله سفيرا بينه وبين الملوك والخلفاء، وكان رئيسا مطاعا كريما ممدحا، يقرأ عليه الشعراء والأدباء. ثم جعل الناصر مكانه الشهرزوريّ المتقدم بمرسوم السلطان، وصارت وظيفة مقررة.
[ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة]
فيها أمر الملك الناصر ببناء قلعة الجبل وإحاطة السور على القاهرة ومصر، فعمر قلعة للملك لم يكن في الديار المصرية مثلها ولا على شكلها، وولى عمارة ذلك الأمير بهاء الدين قراقوش مملوك تقى الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب. وفيها كانت وقعة الرملة على المسلمين، وفي جمادى الأولى منها سار السلطان الناصر صلاح الدين من مصر قاصدا غزو الفرنج، فانتهى إلى بلاد الرملة فسبى وغنم، ثم تشاغل جيشه بالغنائم وتفرقوا في القرى والمحال، وبقي هو في طائفة من الجيش منفردا فهجمت عليه الفرنج في جحفل من المقاتلة فما سلم إلا بعد جهد جهيد، ثم تراجع الجيش إليه واجتمعوا عليه بعد أيام، ووقعت الأراجيف في الناس بسبب ذلك، وما صدق أهل مصر حتى نظروا إليه وصار الأمر كما قيل رضيت من الغنيمة بالإياب ومع هذا دقت البشائر في البلدان فرحا بسلامة السلطان، ولم تجر هذه الوقعة إلا بعد عشر سنين، وذلك يوم حطين، وقد ثبت السلطان في هذه الوقعة ثباتا عظيما، وأسر للملك المظفر تقى الدين عمر بن أخى السلطان ولده شاهنشاه، فبقي عندهم سبع سنين، وقتل ابنه الا حر، وكان شابا قد طرّ شاربه، فحزن على المقتول والمفقود، وصبر تأسيا بأيوب، وناح كما ناح داود، وأسر الفقيهان الأخوان ضياء الدين عيسى وظهير الدين فافتداهما السلطان بعد سنتين بتسعين ألف دينار.
وفيها تخبطت دولة حلب وقبض السلطان الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين على الخادم كمشتكين، وألزمه بتسليم قلعة حارم، وكانت له، فأبى من ذلك فعلقه منكوسا ودخن تحت أنفه حتى مات من ساعته. وفيها جاء ملك كبير من ملوك الفرنج يروم أخذ الشام لغيبة السلطان واشتغال نوابه ببلدانهم. قال العماد الكاتب: ومن شرط هدنة الفرنج أنه متى جاء ملك كبير من ملوكهم لا يمكنهم دفعه أنهم يقاتلون معه ويؤازرونه وينصرونه، فإذا انصرف عنهم عادت الهدنة كما كانت، فقصد