ذهب ونثروا على قدميه ألف حبة جوهر، وهناك تور من ذهب فيه شمعة من عنبر زنة أربعين منّا من عنبر، فقال: هذا سرف، ونظر إلى ذلك الحب على الحصر يضيء فقال: قاتل الله أبا نواس حيث يقول في صفة الخمر:
كأن صغرى وكبرى من فقاقعها … حصباء در على أرض من الذهب
ثم أمر بالدر فجمع فجعل في حجر العروس وقال: هذا نحلة منى لك، وسلى حاجتك. فقالت لها جدتها: سلى سيدك فقد استنطقك. فقالت: أسأل أمير المؤمنين أن يرضى عن إبراهيم بن المهدي فرضى عنه. ثم أراد الاجتماع بها فإذا هي حائض، وكان ذلك في شهر رمضان، وتأخرت وفاتها إلى هذه السنة ولها ثمانون سنة.
[ثم دخلت سنة ثنتين وسبعين ومائتين]
في جمادى الأولى منها سار نائب قزوين وهو ارلزنكيس في أربعة آلاف مقاتل إلى محمد بن زيد العلويّ صاحب طبرستان بعد أخيه الحسن بن زيد، وهو بالري، في جيش عظيم من الديلم وغيرهم، فاقتتلوا قتالا شديدا فهزمه ارلزنكيس وغنم ما في معسكره، وقتل من أصحابه ستة آلاف، ودخل الري فأخذها وصادر أهلها في مائة ألف دينار، وفرق عماله في نواحي الري. وفيها وقع بين أبى العباس ابن الموفق وبين صاحب ثغر طرسوس وهو يا زمان الخادم فثار أهل طرسوس على أبى العباس فأخرجوه عنهم فرجع إلى بغداد. وفيها دخل حمدان بن حمدون وهارون الشاري مدينة الموصل وصلى بهم الشاري في جامعها الأعظم. وفيها عاثت بنو شيبان في أرض الموصل فسادا. وفيها تحركت بقية الزنج في أرض البصرة ونادوا: يا انكلاى يا منصور. وانكلاى هو ابن صاحب الزنج، وسليمان ابن جامع وأبان بن على المهلبي، وجماعة من وجوههم كانوا في جيش الموفق فبعث إليهم فقتلوا وحملت رءوسهم إليه، وصلبت أبدانهم ببغداد، وسكنت شرورهم. وفيها صلح أمر المدينة النبويّة وتراجع الناس إليها. وفيها جرت حروب كثيرة ببلاد الأندلس وأخذت الروم من المسلمين بالأندلس بلدين عظيمين ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾. وفيها قدم صاعد بن مخلد الكاتب من فارس إلى واسط فأمر الموفق القواد أن يتلقوه فدخل في أبهة عظيمة، ولكن ظهر منه تيه وعجب شديد، فأمر الموفق عما قريب بالقبض عليه وعلى أهله وأمواله، واستكتب مكانه أبا الصقر إسماعيل بن بلبل. وحج بالناس فيها هارون بن محمد بن إسحاق المتقدم منذ دهر
[وفيها توفى من الأعيان]
إبراهيم بن الوليد بن الحسحاس. وأحمد بن عبد الجبار بن محمد بن عطارد العطاردي التميمي راوي السيرة عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق بن يسار وغير ذلك. وأبو عتبة الحجازي. وسليمان بن سيف. وسليمان بن وهب الوزير في حبس الموفق. وشعبة بن بكار