يوم أحد، ثم كان أول مشاهده الخندق، وشهد مع رسول الله ﷺ ثنتى عشرة غزوة، وروى عنه أحاديث كثيرة، وعن جماعة من الصحابة، وحدث عنه خلق من التابعين وجماعة من الصحابة، كان من نجباء الصحابة وفضلائهم وعلمائهم. قال الواقدي وغيره: مات سنة أربع وسبعين وقيل قبلها بعشر سنين فالله أعلم.
قال الطبراني: حدثنا المقدام بن داود ثنا خالد بن نزار ثنا هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد الخدريّ. قال: قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ فقال:«النبيون قلت: ثم أي؟ قال ثم الصالحون، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر حتى ما يجد الا السترة - وفي رواية - إلا العباءة أو نحوها، وإن أحدهم ليبتلى بالقمل حتى ينبذ القمل، وكان أحدهم بالبلاء أشد فرحا منه بالرخاء».
وقال قتيبة بن سعيد: ثنا الليث بن سعد عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبى سعيد الخدريّ: أن أهله شكوا إليه الحاجة فخرج إلى رسول الله ﷺ يسأل لهم شيئا، فوافقه على المنبر وهو يقول:«أيها الناس قد آن لكم أن تستغنوا عن المسألة فإنه من يستعف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله، والّذي نفس محمد بيده ما رزق الله عبدا من رزق أوسع له من الصبر، ولئن أبيتم إلا أن تسألونى لأعطينكم ما وجدت». وقد رواه الطبراني عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد نحوه.
[عبد الله بن عمر]
ابن الخطاب القرشي العدوي، أبو عبد الرحمن المكيّ ثم المدني أسلم قديما مع أبيه ولم يبلغ الحلم وهاجرا وعمره عشرة سنين، وقد استصغر يوم أحد، فلما كان يوم الخندق أجازه وهو ابن خمس عشرة سنة فشهدها وما بعدها، وهو شقيق حفصة بنت عمر أم المؤمنين، أمهما زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون، وكان عبد الله بن عمر ربعة من الرجال آدم له جمة تضرب إلى منكبيه جسيما يخضب بالصفرة ويحفى شاربه، وكان يتوضأ لكل صلاة ويدخل الماء في أصول عينيه، وقد أراده عثمان على القضاء فأبى ذلك، وكذلك أبوه، وشهد اليرموك والقادسية وجلولاء وما بينهما من وقائع الفرس، وشهد فتح مصر، واختط بها دارا، وقدم البصرة وشهد عزو فارس وورد المدائن مرارا وكان عمره يوم مات النبي ﷺ ثنتين وعشرين سنة، وكان إذا أعجبه شيء من ماله يقر به إلى الله ﷿، وكأن عبيده قد عرفوا ذلك منه، فربما لزم أحدهم المسجد فإذا رآه ابن عمر على تلك الحال أعتقه، فيقال له: إنهم يخدعونك، فيقول: من خدعنا لله انخدعنا له، وكان له جارية يحبها كثيرا فأعتقها وزوجها لمولاه نافع، وقال: إن الله تعالى يقول ﴿لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ﴾ واشترى مرة بعيرا فأعجبه لما ركبه فقال: يا نافع أدخله في إبل الصدقة، وأعطاه ابن جعفر في نافع عشرة آلاف فقال: أو خيرا من ذلك؟ هو حر لوجه الله، واشترى مرة غلاما بأربعين ألفا وأعتقه فقال الغلام: