للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له ثلاثة عشر ألف بيت من الشعر. فلما بلغ المهدي أنه هجاه وشهد عليه قوم أنه زنديق أمر به فضرب حتى مات عن بضع وسبعين سنة. وقد ذكره ابن خلكان في الوفيات، فقال: بشار بن برد بن يرجوخ العقيلي مولاهم، وقد نسبه صاحب الأغاني فأطال نسبه. وهو بصرى قدم بغداد أصله من طخارستان، وكان ضخما عظيم الخلق، وشعره في أول طبقات المولدين، ومن شعره البيت المشهور:

هل تعلمين وراء الحب منزلة … تدنى إليك فان الحب أقصانى

وقوله:

أنا والله أشتهى سحر عينيك … وأخشى مصارع العشاق

وله:

يا قوم أذنى لبعض الحي عاشقة … والأذن تعشق قبل العين أحيانا

قالوا لم لا نرى عينيك قلت لهم … الأذن كالعين تروى القلب مكانا (١)

وله:

إذا بلغ الرأى التشاور فاستعن … بحزم نصيح أو نصيحة حازم

ولا تجعل الشورى عليك غضاضة … فريش الخوافي قوة للقوادم

وما خير كف أمسك الغلّ أختها … وما خير سيف لم يؤيد بقائم

كان بشار يمدح المهدي حتى وشى إليه الوزير (٢) أنه هجاه وقذفه ونسبه إلى شيء من الزندقة، وأنه يقول بتفضيل النار على التراب، وعذر إبليس في السجود لآدم، وأنه أنشد: -

الأرض مظلمة والنار مشرقة … والنار معبودة مد كانت النار

فأمر المهدي بضربه فضرب حتى مات. ويقال: إنه غرق ثم نقل إلى البصرة في هذه السنة.

وفيها توفى الحسن بن صالح بن حيي، وحماد بن سلمة، والربيع بن مسلم، وسعيد بن عبد العزيز ابن مسلم، وعتبة الغلام: وهو عتبة بن أبان بن صمعة أحد العباد المشهورين البكاءين المذكورين، كان يأكل من عمل يده في الخوص، ويصوم الدهر ويفطر على الخبز والملح. والقاسم الحذاء، وأبو هلال محمد بن سليم، ومحمد بن طلحة، وأبو حمزة اليشكري محمد بن ميمون.

[ثم دخلت سنة ثمان وستين ومائة]

فيها في رمضان منها نقضت الروم ما بينهم وبين المسلمين من الصلح الّذي عقده هارون الرشيد عن أمر أبيه المهدي، ولم يستمروا على الصلح إلا ثنتين وثلاثين شهرا، فبعث نائب الجزيرة خيلا إلى الروم فقتلوا وأسروا وغنموا وسلموا. وفيها اتخذ المهدي دواوين الأزمّة (٣) ولم يكن بنو أمية يعرفون ذلك. وفيها حج بالناس على بن محمد المهدي الّذي يقال له ابن ريطة. وفيها توفى الحسن


(١) في هذا البيت تحريف
(٢) بهامش التركية: أي نسب الوزير لبشار.
(٣) ويسمى واحدها (ديوان الزمام). وروى أنه لما جمعت الدواوين لعمر بن بزيع تفكر فإذا هو لا يضبطها إلا بزمام يكون له على كل ديوان فاتخذ دواوين الازمة في خلافة المهدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>