للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عبد العزيز، وعند يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَاسْتَقْضَاهُ يَزِيدُ مَعَ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ، ثُمَّ كَانَ حَظِيًّا عِنْدَ هِشَامٍ، وَحَجَّ مَعَهُ وَجَعَلَهُ مُعَلِّمَ أَوْلَادِهِ إِلَى أَنْ تُوفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، قَبْلَ هِشَامٍ بِسَنَةٍ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ:

سَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُولُ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: مَا اسْتَوْدَعْتُ قَلْبِي شَيْئًا قَطُّ فَنَسِيتُهُ، قَالَ: وَكَانَ يَكْرَهُ أَكْلَ التُّفَّاحِ وسؤر الفأرة، وَيَقُولُ: إِنَّهُ يُنْسِي، وَكَانَ يَشْرَبُ الْعَسَلَ وَيَقُولُ إنه يذكى، وفيه يقول فايد بن أقرم.

زر ذَا وَأَثْنِ عَلَى الْكَرِيمِ مُحَمَّدٍ ... وَاذْكُرْ فَوَاضِلَهُ عَلَى الْأَصْحَابِ

وَإِذَا يُقَالُ مَنِ الْجَوَادُ بِمَالِهِ ... قِيلَ الْجَوَادُ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابِ

أَهْلُ الْمَدَائِنِ يَعْرِفُونَ مَكَانَهُ ... وَرَبِيعُ نَادِيهِ عَلَى الْأَعْرَابِ

يَشْرِي وفاء جفانه ويمدها ... بكسور انتاج وَفَتْقِ لُبَابِ

وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: حَدَّثَ الزُّهْرِيُّ يَوْمًا بِحَدِيثٍ فَلَمَّا قَامَ أخذت بلجام دابته فاستفهمته فقال: أتستفهمني؟ مَا اسْتَفْهَمْتُ عَالِمًا قَطُّ، وَلَا رَدَدْتُ عَلَى عَالِمٍ قَطُّ، ثُمَّ جَعَلَ ابْنُ مَهْدِيٍّ يَقُولُ فتلك الطِّوَالُ وَتِلْكَ الْمَغَازِي.

وَرَوَى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ خَالِدٍ السَّلَامِيِّ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدٍ- يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ- أَنَّ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ أَنْ يَكْتُبَ لِبَنِيهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ، فَأَمْلَى عَلَى كَاتِبِهِ أَرْبَعَمِائَةِ حَدِيثٍ ثُمَّ خَرَجَ عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ فَحَدَّثَهُمْ بِهَا، ثُمَّ إِنَّ هِشَامًا قَالَ لِلزَّهْرِيِّ: إِنَّ ذَلِكَ الْكِتَابَ ضَاعَ، فَقَالَ: لَا عَلَيْكَ، فَأَمْلَى عَلَيْهِمْ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ فأخرج هِشَامٌ الْكِتَابَ الْأَوَّلَ فَإِذَا هُوَ لَمْ يُغَادِرْ حَرْفًا وَاحِدًا، وَإِنَّمَا أَرَادَ هِشَامٌ امْتِحَانَ حِفْظِهِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ سَوْقًا لِلْحَدِيثِ إِذَا حَدَّثَ مِنَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ:

مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَنَصَّ لِلْحَدِيثِ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَلَا أَهْوَنَ مِنَ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ عِنْدَهُ، وَمَا الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ إِلَّا بِمَنْزِلَةِ الْبَعْرِ. قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: وَلَقَدْ جَالَسْتُ جَابِرًا وَابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ وَابْنَ الزبير فما رأيت أحدا أسيق لِلْحَدِيثِ مِنَ الزُّهْرِيِّ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: أَحْسَنُ النَّاسِ حَدِيثًا وَأَجْوَدُهُمْ إِسْنَادًا الزُّهْرِيُّ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَحْسَنُ الْأَسَانِيدِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال سعيد عَنِ الزُّهْرِيِّ: مَكَثْتُ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَخْتَلِفُ مِنَ الْحِجَازِ إِلَى الشَّامِ، وَمِنَ الشَّامِ إِلَى الْحِجَازِ، فَمَا كُنْتُ أَسْمَعُ حَدِيثًا أَسْتَطْرِفُهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: مَا رَأَيْتُ عَالِمًا قَطُّ أَجْمَعَ مِنَ ابْنِ شِهَابٍ، وَلَوْ سَمِعْتَهُ يُحَدِّثُ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ لَقُلْتَ: مَا يُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا، وَإِنْ حَدَّثَ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ قَلْتَ لَا يُحْسِنُ إِلَّا هَذَا، وَإِنْ حَدَّثَ عَنِ الْأَعْرَابِ وَالْأَنْسَابِ قُلْتَ: لَا يُحْسِنُ إِلَّا هَذَا، وَإِنْ حدث عن القرآن والسنة كان حديثه بدعا جامعا، وكان يَقُولُ: اللَّهمّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أحاط به علمك

<<  <  ج: ص:  >  >>