للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّوْلَةِ ابْنَانِ تَوْأَمَانِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ سَبْعِ سنين، وأقام الْآخَرُ حَتَّى قَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ أَبِيهِ، ولقب شرف الدولة، وحج المصريون فيها بالناس.

[وممن توفى فيها من الأعيان]

[ابن جنى]

أَبُو الْفَتْحِ [عُثْمَانُ بْنُ جِنِّيٍّ] الْمَوْصِلِيُّ النَّحْوِيُّ اللُّغَوِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيفِ الْفَائِقَةِ الْمُتَدَاوَلَةِ فِي النَّحْوِ واللغة، وكان جِنِّيٌّ عَبْدًا رُومِيًّا مَمْلُوكًا لِسُلَيْمَانَ بْنِ فَهْدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَزْدِيِّ الْمَوْصِّلِيِّ، وَمِنْ شِعْرِهِ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ:

فَإِنْ أُصْبِحْ بِلَا نَسَبٍ ... فَعِلْمِي فِي الْوَرَى نَسَبِي

عَلَى أَنِّي أَؤُولُ إِلَى ... قروم سادة نجب

قياصرة إذا نطقوا ... أرمّوا الدهر ذا الْخُطُبِ

أُولَاكَ دَعَا النَّبِيُّ لَهُمْ ... كَفَى شَرَفًا دُعَاءُ نَبِي

وَقَدْ أَقَامَ بِبَغْدَادَ وَدَرَسَ بِهَا الْعِلْمَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِلَيْلَتَيْنِ خلتا من صفر منها، قال ابْنُ خَلِّكَانَ: وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَ أَعْوَرَ وَلَهُ فِي ذَلِكَ:

صُدُودُكَ عَنِّي وَلَا ذَنْبَ لِي ... يَدُلُّ عَلَى نِيَّةٍ فَاسِدَهْ

فَقَدْ- وَحَيَاتِكَ- مِمَّا بَكَيْتُ ... خَشِيتُ عَلَى عَيْنِيَ الْوَاحِدَهْ

وَلَوْلَا مَخَافَةُ أَنْ لَا أَرَاكَ ... لَمَا كَانَ فِي تَرْكِهَا فائدة

ويقال: إن هذه الأبيات لغيره، وكان قائلها أعور. وله في مملوك حسن الصورة أعور قوله:

لَهُ عَيْنٌ أَصَابَتْ كُلَّ عَيْنٍ ... وَعَيْنٌ قَدْ أصابتها العيون

أبو الحسن الجرجاني الشاعر الماهر.

[على بن عبد العزيز]

القاضي بالري، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَرَقَّى فِي الْعُلُومِ حَتَّى أَقَرَّ لَهُ النَّاسُ بِالتَّفَرُّدِ، وَلَهُ أَشْعَارٌ حِسَانٌ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

يَقُولُونَ لِي فِيكَ انْقِبَاضٌ وَإِنَّمَا ... رَأَوْا رَجُلًا عَنْ مَوْقِفِ الذُّلِّ أَحْجَمَا

أَرَى النَّاسَ مَنْ دَانَاهُمُ هَانَ عِنْدَهُمْ ... وَمَنْ أَكْرَمَتْهُ عِزَّةُ النَّفْسِ أُكْرِمَا

وَلَمْ أَقْضِ حَقَّ الْعِلْمِ إِنْ كَانَ كُلَّمَا ... بَدَا طَمَعٌ صَيَّرْتُهُ لِي سلما

إذا قيل لي هذا مطمع قُلْتُ قَدْ أَرَى ... وَلَكِنَّ نَفْسَ الْحُرِّ تَحْتَمِلُ الظَّمَا

وَلَمْ أَبْتَذِلْ فِي خِدْمَةِ الْعِلْمِ مُهْجَتِي ... لا خدم من لاقيت ولكن لا خدما

أَأَشْقَى بِهِ غَرْسًا وَأَجْنِيهِ ذِلَّةً ... إِذًا فَاتِّبَاعُ الْجَهْلِ قَدْ كَانَ أَحْزَمَا

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوهُ صَانَهُمْ ... وَلَوْ عَظَّمُوهُ فِي النُّفُوسِ لعظما

<<  <  ج: ص:  >  >>