للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القادر بالله جعله ولى العهد من بعده، فخطبوا له هنالك، فلما بلغ القادر أمره بعث يتطلبه فهرب في البلاد وتمزق، ثم أخذه بعض الملوك فسجنه في قلعة إلى أن مات، فلهذا بادر القادر إلى هذه البيعة.

وفي يوم الخميس الثامن عشر من ذي القعدة ولد الأمير أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله، وهذا هو الّذي صارت إليه الخلافة، وهو القائم بأمر الله. وفيها قتل الأمير حسام الدولة المقلد بن المسيب العقيلي غيلة ببلاد الأنبار، وكان قد عظم شأنه بتلك البلاد ورام المملكة فجاءه القدر المحتوم فقتله بعض غلمانه الأتراك، وقام بالأمر من بعده ولده قرواش. وحج بالناس المصريون.

[وفيها توفى من الأعيان]

[جعفر بن الفضل بن جعفر]

ابن محمد بن الفرات أبو الفضل، المعروف بابن حنزابة الوزير، ولد سنة ثمان وثلاثمائة ببغداد، ونزل الديار المصرية ووزر بها للأمير كافور الإخشيدي، وكان أبوه وزيرا للمقتدر، وقد سمع الحديث من محمد بن هارون الحضرميّ وطبقته من البغداديين، وكان قد سمع مجلسا من البغوي، ولم يكن عنده، وكان يقول: من جاءني به أغنيته، وكان له مجلس للاملاء بمصر، وبسببه رحل الدار قطنى إلى مصر فنزل عنده وخرّج له مسندا، وحصل له منه مال جزيل، وحدث عنه الدار قطنى وغيره من الأكابر. ومن مستجاد شعره قوله:

من أخمل النفس أحياها وروّحها … ولم يبت طاويا منها على ضجر

إن الرياح إذا اشتدت عواصفها … فليس ترمى سوى العالي من الشجر

قال ابن خلكان: كانت وفاته في صفر، وقيل في ربيع الأول منها، عن ثنتين وثمانين سنة ودفن بالقرافة، وقيل بداره، وقيل إنه كان قد اشترى بالمدينة النبويّة دارا فجعل له فيها تربة، فلما نقل إليها تلقته الأشراف لإحسانه إليهم فحملوه وحجوا به ووقفوا به بعرفات، ثم أعادوه إلى المدينة فدفنوه بتربته

[ابن الحجاج الشاعر]

الحسين بن أحمد بن الحجاج أبو عبد الله الشاعر الماجن المقذع في نظمه، يستنكف اللسان عن التلفظ بها والأذنان عن الاستماع لها، وقد كان أبوه من كبار العمال، وولى هو حسبة بغداد في أيام عز الدولة، فاستخلف عليها نوابا ستة، وتشاغل هو بالشعر السخيف والرأى الضعيف، إلا أن شعره جيد من حيث اللفظ، وفيه قوة تدل على تمكين واقتدار على سبك المعاني القبيحة التي هي في غاية الفضيحة، في الألفاظ الفصيحة وله غير ذلك من الاشعار المستجادة، وقد امتدح مرة صاحب مصر فبعث إليه بألف دينار. وقول ابن خلكان بأنه عزل عن حسبة بغداد بأبي سعيد الإصطخري قول ضعيف لا يسامح بمثله، فان أبا سعيد توفى في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، فكيف يعزل به ابن الحجاج وهو لا يمكن ادعاء أن يلي الحسبة بعده أبو سعيد الإصطخري، وابن خلكان قد أرخ وفاة

<<  <  ج: ص:  >  >>