للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثنى عليه غير واحد من الأئمة وشهدوا له بالفضل والتقدم في هذا الشأن. وقد ولى الحكم بمدينة حمص. سمعته من شيخنا المزي عن رواية الطبراني في معجمه الأوسط حيث قال: حدثنا أحمد بن شعيب الحاكم بحمص. وذكروا أنه كان له من النساء أربع نسوة، وكان في غاية الحسن، وجهه كأنه قنديل، وكان يأكل في كل يوم ديكا ويشرب عليه نقيع الزبيب الحلال، وقد قيل عنه: إنه كان ينسب إليه شيء من التشيع. قالوا: ودخل إلى دمشق فسأله أهلها أن يحدثهم بشيء من فضائل معاوية فقال: أما يكفى معاوية أن يذهب رأسا برأس حتى يروى له فضائل؟ فقاموا إليه فجعلوا يطعنون في خصيتيه حتى أخرج من المسجد الجامع، فسار من عندهم إلى مكة فمات بها في هذه السنة، وقبره بها هكذا حكاه الحاكم عن محمد بن إسحاق الأصبهاني عن مشايخه. وقال الدار قطنى: كان أفقه مشايخ مصر في عصره، وأعرفهم بالصحيح من السقيم من الآثار، وأعرفهم بالرجال، فلما بلغ هذا المبلغ حسدوه فخرج إلى الرملة، فسئل عن فضائل معاوية فأمسك عنه فضربوه في الجامع، فقال: أخرجونى إلى مكة، فأخرجوه وهو عليل، فتوفى بمكة مقتولا شهيدا، مع ما رزق من الفضائل رزق الشهادة في آخر عمره، مات بمكة سنة ثلاث وثلاثمائة. قال الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الغنى بن نقطة في تقييده ومن خطه نقلت ومن خط أبى عامر محمد بن سعدون العبدري الحافظ: مات أبو عبد الرحمن النسائي بالرملة مدينة فلسطين يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من صفر سنة ثلاث وثلاثمائة، ودفن ببيت المقدس. وحكى ابن خلكان أنه توفى في شعبان من هذه السنة، وأنه إنما صنف الخصائص في فضل على وأهل البيت، لأنه رأى أهل دمشق حين قدمها في سنة ثنتين وثلاثمائة عندهم نفرة من على، وسألوه عن معاوية فقال ما قال، فدققوه في خصيتيه فمات. وهكذا ذكر ابن يونس وأبو جعفر الطحاوي: إنه توفى بفلسطين في صفر من هذه السنة، وكان مولده في سنة خمس عشرة أو أربع عشرة ومائتين تقريبا عن قوله، فكان عمره ثمانيا وثمانين سنة.

[الحسن بن سفيان]

ابن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء، أبو العباس الشيباني النسوي، محدث خراسان، وقد كان يضرب إليه آباط الإبل في معرفة الحديث والفقه. رحل إلى الآفاق وتفقه على أبى ثور، وكان يفتى بمذهبه، وأخذ الأدب عن أصحاب النضر بن شميل، وكانت إليه الرحلة بخراسان. ومن غريب ما اتفق له: أنه كان هو وجماعة من أصحابه بمصر في رحلتهم إلى الحديث، فضاق عليهم الحال حتى مكثوا ثلاثة أيام لا يأكلون فيها شيئا، ولا يجدون ما يبيعونه للقوت، واضطرهم الحال إلى تجشم السؤال، وأنفت أنفسهم من ذلك وعزت عليهم وامتنعت كل الامتناع، والحاجة تضطرهم إلى تعاطى ذلك، فاقترعوا فيما بينهم أيهم يقوم بأعباء هذا الأمر، فوقعت القرعة على الحسن بن سفيان هذا،

<<  <  ج: ص:  >  >>