للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجة، فنزلوا في بيوت الناس وحصل للناس منهم أذى كثير في حريمهم، ثم إن السلطان راسل الخليفة في الصلح فأبى ذلك الخليفة، وركب في جيشه وقاتل الأتراك ومعه شرذمة قليلة من المقاتلة، ولكن العامة كلهم معه، وقتل من الأتراك خلقا، ثم جاء عماد الدين زنكي في جيش كثيف من واسط في سفن إلى السلطان نجدة، فلما استشعر الخليفة ذلك دعا إلى الصلح، فوقع الصلح بين السلطان والخليفة، وأخذ الملك يستبشر بذلك جدا، ويعتذر إلى الخليفة مما وقع، ثم خرج في أول السنة الآتية إلى همذان لمرض حصل له. وفيها كان أول مجلس تكلم فيه ابن الجوزي على المنبر يعظ الناس، وعمره إذ ذاك ثلاث عشرة سنة، وحضره الشيخ أبو القاسم على بن يعلى العلويّ البلخي، وكان نسيبا، علمه كلمات ثم أصعده المنبر فقالها، وكان يوما مشهودا. قال ابن الجوزي: وحزر الجمع يومئذ بخمسين ألفا، والله أعلم. وفيها اقتتل طغتكين صاحب دمشق وأعداؤه من الفرنج فقتل منهم خلقا كثيرا، وغنم منهم أموالا جزيلة ولله الحمد والمنة،

[وممن توفى فيها من الأعيان]

[أحمد بن محمد بن محمد]

أبو الفتح الطوسي الغزالي، أخو أبى حامد الغزالي، كان واعظا مفوها، ذا حظ من الكلام والزهد وحسن التأني، وله نكت جيدة، ووعظ مرة في دار الملك محمود فأطلق له ألف دينار، وخرج فإذا على الباب فرس الوزير بسرجها الذهب، وسلاحها وما عليها من الحلي، فركبها، فبلغ ذلك الوزير فقال: دعوه ولا يرد على الفرس، فأخذها الغزالي، وسمع مرة ناعورة تئن فألقى عليها رداءه فتمزق قطعا قطعا. قال ابن الجوزي: وقد كانت له نكت إلا أن الغالب على كلامه التخليط والأحاديث الموضوعة المصنوعة، والحكايات الفارغة، والمعاني الفاسدة، ثم أورد ابن الجوزي أشياء منكرة من كلامه فالله أعلم، من ذلك أنه كان كلما أشكل عليه شيء رأى رسول الله في اليقظة فسأله عن ذلك فدله على الصواب، وكان يتعصب إلى بليس ويعتذر له، وتكلم فيه ابن الجوزي بكلام طويل كثير. قال ونسب إلى محبة المردان والقول بالمشاهدة فالله أعلم بصحة ذلك. قال ابن خلكان:

كان واعظا مليح الوعظ حسن المنظر صاحب كرامات وإشارات، وكان من الفقهاء، غير أنه مال إلى الوعظ فغلب عليه ودرس بالنظاميّة نيابة عن أخيه لما تزهد، واختصر إحياء علوم الدين في مجلد سماه «لباب الاحيا» وله الذخيرة في علم البصيرة، وطاف البلاد وخدم الصوفية بنفسه، وكان مائلا إلى الانقطاع والعزلة والله أعلم بحاله.

[أحمد بن على]

ابن محمد الوكيل، المعروف بابن برهان، أبو الفتح الفقيه الشافعيّ، تفقه على الغزالي وعلى الكيا الهراسي، وعلى الشاشي، وكان بارعا في الأصول، وله كتاب الذخيرة في أصول الفقه، وكان يعرف

<<  <  ج: ص:  >  >>