وأمر عليها عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وهو ابن خال عثمان بن عفان، وجمع له بين جند أبى موسى وجند عثمان بن أبى العاص وله من العمر خمس وعشرون سنة، فأقام بها ست سنين. وفي هذه السنة افتتح عبد الله بن عامر فارس في قول الواقدي وأبى معشر.
وزعم سيف أنه كان قبل هذه السنة فالله أعلم.
وفيها وسع عثمان بن عفان مسجد النبي ﷺ، وبناه بالقصة - وهي الكلس - كان يؤتى به من بطن نخل والحجارة المنقوشة، وجعل عمده حجارة مرصعة، وسقفه بالساج، وجعل طوله ستين ومائة ذراع، وعرضه خمسين ومائة ذراع، وجعل أبوابه ستة، على ما كانت عليه في زمان عمر بن الخطاب، ابتدأ بناءه في ربيع الأول منها.
وفيها حج بالناس عثمان بن عفان، وضرب له بمنى فسطاطا فكان أول فسطاطا ضربه عثمان بمنى، وأتم الصلاة عامه هذا، فأنكر ذلك عليه غير واحد من الصحابة، كعليّ وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود، حتى قال ابن مسعود ليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان، وقد ناظره عبد الرحمن بن عوف فيما فعله، فروى ابن جرير أنه قال: تأهلت بمكة، فقال له: ولك أهل بالمدينة وإنك تقوم حيث أهلك بالمدينة. قال: وإن لي مالا بالطائف أريد أن أطلعه بعد الصدر، قال: إن بينك وبين الطائف مسيرة ثلاث، فقال: وإن طائفة من أهل اليمن قالوا: إن الصلاة بالحضر ركعتان فربما رأوني أصلى ركعتين فيحتجون بى، فقال له: قد كان رسول الله ﷺ ينزل عليه الوحي والناس يومئذ الإسلام فيهم قليل، وكان يصلى هاهنا ركعتين، وكان أبو بكر يصلى هاهنا ركعتين، وكذلك عمر بن الخطاب، وصليت أنت ركعتين صدرا من إمارتك، قال فسكت عثمان ثم قال: إنما هو رأى رأيته.
سنة ثلاثين من الهجرة النبويّة
فيها افتتح سعيد بن العاص طبرستان في قول الواقدي وأبى معشر والمدائني، وقال: هو أول من غزاها. وزعم سيف أنهم كانوا صالحوا سويد بن مقرن قبل ذلك على أن لا يغزوها، على مال بذله له أصبهبذها فالله أعلم. فذكر المدائني أن سعيد بن العاص ركب في جيش فيه الحسن والحسين، والعبادلة الأربعة، وحذيفة بن اليمان، في خلق من الصحابة فسار بهم فمر على بلدان شتى يصالحونه على أموال جزيلة، حتى انتهى إلى بلد معاملة جرجان، فقاتلوه حتى احتاجوا إلى صلاة الخوف، فسأل حذيفة: كيف صلى رسول الله ﷺ؟ فأخبره فصلى كما أخبره، ثم سأله أهل ذلك الحصن الأمان، فأعطاهم على أن لا يقتل منهم رجلا واحدا ففتحوا الحصن فقتلهم إلا رجلا واحدا، وحوى ما كان في الحصن، فأصاب رجل من بنى نهد سفطا مقفولا فاستدعى به سعيد؟ ففتحوه فإذا