للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسجد، وأمر بتسوية قبورهم بالأرض، وكتب بذلك إلى سائر الأقاليم والآفاق، وإلى كل بلد ورستاق.

وفيها خرج رجل يقال له محمود بن الفرج النيسابورىّ، وهو ممن كان يتردد إلى خشبة بابك وهو مصلوب فيقعد قريبا منه، وذلك بقرب دار الخلافة بسر من رأى، فادعى أنه نبي، وأنه ذو القرنين وقد اتبعه على هذه الضلالة ووافقه على هذه الجهالة جماعة قليلون، وهم تسعة وعشرون رجلا، وقد نظم لهم كلاما في مصحف له قبّحه الله، زعم أن جبريل جاءه به من الله، فأخذ فرفع أمره إلى المتوكل فأمر فضرب بين يديه بالسياط، فاعترف بما نسب إليه وما هو معول عليه، وأظهر التوبة من ذلك والرجوع عنه، فأمر الخليفة كل واحد من أتباعه التسعة والعشرين أن يصفعه فصفعوه عشر صفعات فعليه وعليهم لعنة رب الأرض والسموات. ثم اتفق موته في يوم الأربعاء لثلاث خلون من ذي الحجة من هذه السنة.

وفي يوم السبت لثلاث بقين من ذي الحجة أخذ المتوكل على الله العهد من بعده لأولاده الثلاثة وهم: محمد المنتصر، ثم أبو عبد الله المعتز، واسمه محمد، وقيل الزبير، ثم لإبراهيم وسماه المؤيد بالله، ولم يل الخلافة هذا. وأعطى كل واحد منهم طائفة من البلاد يكون نائبا عليها ويستنيب فيها ويضرب له السكة بها، وقد عين ابن جرير ما لكل واحد منهم من البلدان والأقاليم، وعقد لكل واحد منهم لواءين لواء أسود للعهد، ولواء للعمالة، وكتب بينهم كتابا بالرضى منهم ومبايعته لأكثر الأمراء على ذلك وكان يوما مشهودا. وفيها في شهر ذي الحجة منها تغير ماء دجلة إلى الصفرة ثلاثة أيام ثم صار في لون ماء الدردي ففزع الناس لذلك. وفيها أتى المتوكل بيحيى بن عمر بن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب من بعض النواحي، وكان قد اجتمع إليه قوم من الشيعة فأمر بضربه فضرب ثماني عشرة مقرعة ثم حبس في المطبق. وحج بالناس محمد بن داود.

قال ابن جرير: وفيها توفى إسحاق بن إبراهيم صاحب الجسر - يعنى نائب بغداد - يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذي الحجة وجعل ابنه محمد مكانه، وخلع عليه خمس خلع وقلده سيفا. قلت:

وقد كان نائبا في العراق من زمن المأمون، وهو من الدعاة تبعا لسادته وكبرائه إلى القول بخلق القرآن الّذي قال الله تعالى فيهم ﴿رَبَّنا إِنّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا﴾ الآية. وهو الّذي كان يمتحن الناس ويرسلهم إلى المأمون.

[وفيها توفى: إسحاق بن ماهان]

الموصلي النديم الأديب ابن الأديب النادر الشكل في وقته، المجموع من كل فن يعرفه أبناء عصره، في الفقه والحديث والجدل والكلام واللغة والشعر، ولكن اشتهر بالغناء لانه لم يكن له في الدنيا

<<  <  ج: ص:  >  >>