يأمره بإقامة الحج للناس في هذه السنة، ويستعجله في المسير إلى مكة. فخرج من صنعاء في اثنى عشر راكبا، وترك جيشه بصنعاء، ومعه خرج فيه أربعون ألف دينار، فلما كان ببعض الطريق نزل منزلا إذ أقبل إليه أميران يقال لهما ابنا جمانة من سادات تلك الناحية، فقالوا ويحكم أنتم لصوص.
فقال: أنا ابن عطية وهذا كتاب أمير المؤمنين إليّ بأمره الحج، فنحن نعجل السير لندرك الموسم، فقالوا: هذا باطل، ثم حملوا عليهم فقتلوا ابن عطية وأصحابه ولم يفلت منهم إلى رجل واحد، وأخذوا ما معهم من المال.
قال أبو معشر: وحج بالناس في هذه السنة محمد بن عبد الملك بن مروان، وقد جعلت اليه إمرة المدينة ومكة والطائف، ونائب العراق ابن هبيرة، وإمرة خراسان إلى نصر بن سيار، غير أن أبا مسلم قد استحوذ على مدن وقرى كثيرة من خراسان، وقد أرسل نصر إلى ابن هبيرة يستمده، بعشرة آلاف قبل أن لا يكفيه مائة ألف، وكتب أيضا إلى مروان يستمده، فكتب مروان إلى ابن هبيرة يمده بما أراد.
وممن توفى فيها من الأعيان شعيب بن الحبحاب، وعبد العزيز بن صهيب، وعبد العزيز بن رفيع، وكعب بن علقمة، ومحمد بن المنكدر. والله سبحانه أعلم.
[ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين ومائة]
في المحرم منها وجه قحطبة بن شبيب ولده الحسن إلى قوميس لقتال نصر بن سيار، وأردفه بالامداد، فخامر بعضهم إلى نصر وارتحل نصر فنزل الرىّ، فأقام بها يومين ثم مرض فسار منها إلى همدان. فلما كان بساوه قريبا من همدان توفى لمضى ثنتى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول من هذه السنة، عن خمس وثمانين سنة. فلما مات نصر تمكن أبو مسلم وأصحابه من بلاد خراسان، وقويت شوكتهم جدا، وسار قحطبة من جرجان، وقدم أمامه زياد بن زرارة القشيري، وكان قد ندم على اتباع أبى مسلم، فترك الجيش وأخذ جماعة معه وسلك طريق أصبهان ليأتى ابن ضبارة، فبعث قحطبة ورائه جيشا فقتلوا عامة أصحابه، وأقبل قحطبة وراءه قدم قومس وقد افتتحها ابنه الحسن فأقام بها، وبعث ابنه بين يديه إلى الري ثم ساق وراءه فوجده قد افتتحها فأقام بها وكتب إلى أبى مسلم بذلك. وارتحل أبو مسلم من مرو فنزل نيسابور واستفحل أمره، وبعث قحطبة بعد دخوله الري ابنه الحسن بين يديه إلى همدان، فلما اقترب منها خرج منها مالك بن أدهم وجماعة من أجناد الشام وخراسان، فنزلوا نهاوند، فافتتح الحسن همدان ثم سار ورائهم إلى نهاوند، وبعث إليه أبوه بالأمداد فحاصرهم حتى افتتحها.
وفي هذه السنة مات عامر بن ضبارة، وكان سبب ذلك أن ابن هبيرة كتب إليه أن يسير إلى