للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب هجرة من هاجر من أصحاب رسول الله ، من مكة إلى أرض الحبشة، فرارا بدينهم من الفتنة]

قد تقدم ذكر أذية المشركين للمستضعفين من المؤمنين، وما كانوا يعاملونهم به من الضرب الشديد. والإهانة البالغة. وكان الله ﷿ قد حجرهم عن رسوله ، ومنعه بعمه أبى طالب، كما تقدم تفصيله ولله الحمد والمنة. وروى الواقدي أن خروجهم اليها في رجب سنة خمس من البعثة، وأن أول من هاجر منهم أحد عشر رجلا وأربع نسوة، وأنهم انتهوا إلى البحر ما بين ماش وراكب فاستأجروا سفينة بنصف دينار الى الحبشة، وهم عثمان بن عفان، وامرأته رقية بنت رسول الله وأبو حذيفة بن عتبة، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وامرأته أم سلمة بنت أبى أمية، وعثمان بن مظعون، وعامر بن ربيعة المنزى، وامرأته ليلى بنت أبى حثمة، وأبو سبرة بن أبى رهم، و [يقال بل أبو] حاطب بن عمرو (١)، وسهيل بن بيضاء، وعبد الله بن مسعود، أجمعين. قال ابن جرير وقال آخرون بل كانوا اثنين وثمانين رجلا، سوى نسائهم وأبنائهم، وعمار بن ياسر، نشك.

فان كان فيهم فقد كانوا ثلاثة وثمانين رجلا.

وقال محمد بن إسحاق: فلما رأى رسول الله ما يصيب أصحابه من البلاء، وما هو فيه من العافية، بمكانه من الله ﷿، ومن عمه أبى طالب، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هو فيه من البلاء. قال لهم: «لو خرجتم إلى أرض الحبشة؟ فان بها ملكا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق - حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه» فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله الى أرض الحبشة مخافة الفتنة، وفرارا الى الله بدينهم. فكانت أول هجرة كانت في الإسلام فكان أول من خرج من المسلمين عثمان بن عفان، وزوجته رقية بنت رسول الله . وكذا

روى البيهقي من حديث يعقوب بن سفيان عن عباس العنبري عن بشر بن موسى (٢) عن الحسن ابن زياد البرجمي حدثنا قتادة. قال: أول من هاجر الى الله تعالى بأهله عثمان بن عفان سمعت النضر بن أنس يقول سمعت أبا حمزة - يعنى أنس بن مالك - يقول: خرج عثمان بن عفان ومعه امرأته رقية بنت رسول الله الى أرض الحبشة، فأبطأ على رسول الله خبرهما فقدمت امرأة من قريش فقالت: يا محمد قد رأيت ختنك ومعه امرأته. قال: «على أي حال رأيتهما؟»


(١) التصحيح عن ابن هشام والإصابة.
(٢) وفي ز: عن يونس بن عيسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>