للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عبد الرحمن بن أبى ليلى - وقيل ابن شبرمة - فادعى عليه عنده فأنكر اليهودي فشهد عليه أبو دلامة وابنه، فلم يستطع القاضي أن يرد شهادتهما وخاف من طلب التزكية فأعطى الطبيب المدعى المال من عنده وأطلق اليهودي. وجمع القاضي بين المصالح. توفى أبو دلامة في هذه السنة، وقيل إنه أدرك خلافة الرشيد سنة سبعين فالله أعلم.

[ثم دخلت سنة ثنتين وستين ومائة]

فيها خرج عبد السلام بن هاشم اليشكري بأرض قنسرين واتبعه خلق كثير، وقويت شوكته فقاتله جماعة من الأمراء فلم يقدروا عليه، وجهز إليه المهدي جيوشا وأنفق فيهم أموالا فهزمهم مرات ثم آل الأمر به أن قتل بعد ذلك. وفيها غزا الصائفة الحسن بن قحطبة في ثمانين ألفا من المرتزقة سوى المتطوعة، فدمر الروم وحرق بلدانا كثيرة، وخرب أماكن وأسر خلقا من الذراري. وكذلك غزا يزيد بن أبى أسيد السلمي بلاد الروم من باب قاليقلا فغنم وسلم وسبى خلقا كثيرا.

وفيها خرجت طائفة بجرجان فلبسوا الحمرة مع رجل يقال له عبد القهار، فغزاه عمرو بن العلاء من طبرستان فقهر عبد القهار وقتله وأصحابه. وفيها أجرى المهدي الأرزاق في سائر الأقاليم والآفاق على المجذّمين والمحبوسين، وهذه مثوبة عظيمة ومكرمة جسيمة. وفيها حج بالناس إبراهيم بن جعفر بن المنصور.

[وفيها توفى من الأعيان]

[إبراهيم بن أدهم]

أحد مشاهير العباد وأكابر الزهاد. كانت له همة عالية في ذلك . فهو إبراهيم بن أدهم بن منصور بن يزيد بن عامر بن إسحاق التميمي، ويقال له العجليّ، أصله من بلخ ثم سكن الشام ودخل دمشق، وروى الحديث عن أبيه والأعمش ومحمد بن زياد صاحب أبى هريرة وأبى إسحاق السبيعي وخلق. وحدث عنه خلق منهم بقية والثوري وأبو إسحاق الفزاري ومحمد بن حميد. وحكى عنه الأوزاعي.

وروى ابن عساكر من طريق عبد الله بن عبد الرحمن الجزري عن إبراهيم بن أدهم عن محمد بن زياد عن أبى هريرة. قال: «دخلت على رسول الله وهو يصلى جالسا فقلت:

يا رسول الله إنك تصلى جالسا فما أصابك؟ قال: الجوع يا أبا هريرة. قال: فبكيت فقال: لا تبك فان شدة يوم القيامة لا تصيب الجائع إذا احتسب في دار الدنيا».

ومن طريق بقية عن إبراهيم بن أدهم حدثني أبو إسحاق الهمدانيّ عن عمارة بن غزية عن أبى هريرة. قال قال رسول الله :

«إن الفتنة تجيء فتنسف العباد نسفا، وينجو العالم منها بعلمه».

قال النسائي: إبراهيم بن أدهم ثقة مأمون أحد الزهاد. وذكر أبو نعيم وغيره أنه كان ابن ملك من ملوك خراسان، وكان قد حبب إليه الصيد، قال: فخرجت مرة فأثرت ثعلبا فهتف بى هاتف

<<  <  ج: ص:  >  >>