ليس بالمغبون عقلا … من شرى عزا بمال
إنما يذخر المال … لحاجات الرجال
والفتى من جعل الأموال … أثمان المعالي
وله أيضا
يا طائر البان غريدا على فنن … ما هاج نوحك لي يا طائر البان
هل أنت مبلغ من هام الفؤاد به … إن الطليق يؤدى حاجة العاني
جناية ما جناها غير متلفنا … يوم الوداع ووا شوقى إلى الجاني
لولا تذكر أيام بذي سلم … وعند رامة أوطاري وأوطاني
لما قدحت بنار الوجد في كبدي … ولا بللت بماء الدمع أجفانى
وقد نسب إلى الرضى قصيدة يتمنى فيها أن يكون عند الحاكم العبيدي، ويذكر فيها أباه ويا ليته كان عنده، حين يرى حاله ومنزلته عنده، وأن الخليفة لما بلغه ذلك أراد أن يسيره إليه ليقضى أربه ويعلم الناس كيف حاله. قال في هذه القصيدة:
أليس الذل في بلاد الأعادي … وبمصر الخليفة العلويّ
وأبوه أبى ومولاه مولاى … إذا ضامنى البعيد القصي
إلى آخرها، فلما سمع الخليفة القادر بأمر هذه القصيدة انزعج وبعث إلى أبيه الموسوي يعاتبه، فأرسل إلى ابنه الرضى فأنكر أن يكون قالها بالمرة، والروافض من شأنهم التزوير. فقال له أبوه: فإذا لم تكن قلتها فقل أبياتا تذكر فيها أن الحاكم بمصر دعي لا نسب له، فقال: إني أخاف غائلة ذلك، وأصرّ على أن لا يقول ما أمره به أبوه، وترددت الرسائل من الخليفة إليهم في ذلك، وهم ينكرون ذلك حتى بعث الشيخ أبا حامد الأسفراييني والقاضي أبا بكر إليهما، فحلف لهما بالايمان المؤكدة أنه ما قالها والله أعلم بحقيقة الحال. توفى في خامس المحرم منها عن سبع وأربعين سنة، وحضر جنازته الوزير والقضاة، وصلى عليه الوزير ودفن بداره بمسجد الأنباري، وولى أخوه المرتضى ما كان يليه، وزيد على ذلك أشياء ومناصب أخرى، وقد رثى الرضى أخاه بمرثاة حسنة.
[باديس بن منصور الحميري]
أبو المعز مناذر بن باديس (١) نائب الحاكم على بلاد إفريقية وابن نائبها، لقبه الحاكم بنصير الدولة، كان ذا همة وسطوة وحرمة وافرة، كان إذا هز رمحا كسره، توفى فجأة ليلة الأربعاء سلخ ذي القعدة منها، ويقال إن بعض الصالحين دعي عليه تلك الليلة، وقام في الأمر بعده ولده المعز مناذر.
[ثم دخلت سنة سبع وأربعمائة]
في ربيع الأول منها، احترق مشهد الحسين بن على [بكر بلاء] وأروقته، وكان سبب ذلك
(١) في النجوم الزاهرة: المعز بن باديس بن منصور بن بلكين الحميري.