للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضا: ما رأت عيناي أفقه من الحسن، وقال أيوب: كان الرجل يجالس الحسن ثلاث حجج ما يسأله عن مسألة هيبة له، وقال الشعبي لرجل يريد قدوم البصرة: إذا نظرت إلى رجل أجمل أهل البصرة وأهيبهم فهو الحسن، فأقرأه منى السلام. وقال يونس بن عبيد: كان الرجل إذا نظر إلى الحسن انتفع به وإن لم ير عمله ولم يسمع كلامه، وقال الأعمش: ما زال الحسن يعى الحكمة حتى نطق بها، وكان أبو جعفر إذا ذكره يقول: ذاك الّذي يشبه كلامه كلام الأنبياء وقال محمد بن سعد: قالوا كان الحسن جامعا للعلم والعمل، عالما رفيعا فقيها ثقة مأمونا عابدا زاهدا ناسكا كثير العلم والعمل فصيحا جميلا وسيما، وقدم مكة فأجلس على سرير، وجلس العلماء حوله، واجتمع الناس إليه فحدثهم. قال أهل التاريخ: مات الحسن عن ثمان وثمانين سنة، عام عشر ومائة في رجب منها، بينه وبين محمد بن سيرين مائة يوم.

[وأما ابن سيرين]

فهو محمد بن سيرين أبو بكر بن أبى عمرو الأنصاري مولى أنس بن مالك النضري، كان أبو محمد من سبى عين التمر، أسره خالد بن الوليد في جملة السبي، فاشتراه أنس ثم كاتبه، ثم ولد له من الأولاد الأخيار جماعة، محمد هذا، وأنس بن سيرين، ومعبد ويحيى وحفصة وكريمة، وكلهم تابعيون ثقات أجلاء . قال البخاري: ولد محمد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، وقال هشام بن حسان: هو أصدق من أدركت من البشر، وقال محمد بن سعد: كان ثقة مأمونا عالما رفيعا فقيها إماما كثير العلم ورعا، وكان به صمم، وقال مؤرق العجليّ: ما رأيت رجلا أفقه في ورعه، وأورع في فقهه منه، قال ابن عون: كان محمد بن سيرين أرجى الناس لهذه الأمة، وأشد الناس إزارا على نفسه، وأشدهم خوفا عليها. قال ابن عون: ما بكى في الدنيا مثل ثلاثة، محمد بن سيرين في العراق، والقاسم بن محمد في الحجاز، ورجاء بن حيوة بالشام. وكانوا يأتون بالحديث على حروفه، وكان الشعبي يقول: عليكم بذاك الأصم - يعنى محمد بن سيرين - وقال ابن شوذب: ما رأيت أحدا أجرأ على تعبير الرؤيا منه. وقال عثمان البتي: لم يكن بالبصرة أعلم بالقضاء منه. قالوا: ومات في تاسع شوال من هذه السنة بعد الحسن بمائة يوم

[فصل]

كان اللائق، بالمؤلف أن يذكر تراجم هؤلاء العلماء الأخيار قبل تراجم الشعراء المتقدم ذكرهم فيبدأ بهم ثم يأتى بتراجم الشعراء، وأيضا فإنه أطال القول في تراجم الشعراء واختصر تراجم العلماء، ولو كان فيها حسن وحكم جمة ينتفع بها من وقف عليها، ولعلها أفيد من مدحهم والثناء عليهم، ولا سيما

<<  <  ج: ص:  >  >>