المعظم فجلس في الصدر وعن شماله القاضي وعن يمينه صدر الدين الحصيري شيخ الحنفية، وكان في المجلس الشيخ تقى الدين بن الصلاح إمام السلطان، والشيخ سيف الدين الآمدي إلى جانب المدرس، وإلى جانبه شمس الدين بن سناء الدولة، ويليه النجم خليل قاضى العسكر، وتحت الحصيري شمس الدين بن الشيرازي، وتحته محيي الدين التركي، وفيه خلق من الأعيان والأكابر، وفيهم فخر الدين بن عساكر. وفيها أرسل الملك المعظم الصدر الكشهنى (١) محتسب دمشق إلى جلال الدين بن خوارزم شاه يستعينه على أخويه الكامل والأشرف اللذين قد تمالئا عليه، فأجابه إلى ذلك بالسمع والطاعة، ولما عاد الصدر المذكور أضاف إليه مشيخة الشيوخ. وحج في هذه السنة الملك مسعود بن أقسيس بن الكامل صاحب اليمن فبدت منه أفعال ناقصة بالحرم من سكر ورشق حمام المسجد بالبندق من أعلا قبة زمزم، وكان إذا نام في دار الامارة يضرب الطائفون بالمسعى بأطراف السيوف لئلا يشوشوا عليه وهو نوم سكر قبحه الله، ولكن كان مع هذا كله مهيبا محترما والبلاد به آمنة مطمئنة، وقد كاد يرفع سنجق أبيه يوم عرفة على سنجق الخليفة فيجري بسبب ذلك فتنة عظيمة، وما مكن من طلوعه وصعوده إلى الجبل إلا في آخر النهار بعد جهد جهيد. وفيها كان بالشام جراد كثير أكل الزرع والثمار والأشجار. وفيها وقعت حروب كثيرة بين القبجاق والكرج، وقتال كثير بسبب ضيق بلاد القبجاق عليهم. وفيها ولى قضاء القضاة ببغداد أبو عبد الله محمد بن فلان. ولبس الخلعة في باب دار الوزارة مؤيد الدين محمد بن محمد القيمق بحضرة الأعيان والكبراء، وقرئ تقليده بحضرتهم وساقه ابن الساعي بحروفه
[وممن توفى فيها من الأعيان]
[عبد القادر بن داود]
أبو محمد الواسطي الفقيه الشافعيّ الملقب بالمحب، استقل بالنظاميّة دهرا، واشتغل بها، وكان فاضلا دينا صالحا، ومما أنشده من الشعر:
الفرقدان كلاهما شهدا له … والبدر ليلة تمه بسهاده
دنف إذا اعتبق الظلام تضرمت … نار الجوى في صدره وفؤاده
فجرت مدامع جفنه في خده … مثل المسيل بسيل من أطواره
شوقا إلى مضنيه لم أر هكذا … مشتاق مضنى جسمه ببعاده
ليت الّذي أضناه سحر جفونه … قبل الممات يكون من عواده
[أبو طالب يحيى بن على]
اليعقوى الفقيه الشافعيّ أحد المعيدين ببغداد، كان شيخا مليح الشيبة جميل الوجه، كان يلي بعض الأوقاف، ومما أنشده لبعض الفضلاء: