وَأَحْسَنَ جَائِزَتَهُمْ، وَأَطْلَقَ لِأَمِيرِهِمْ- وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ- قَرِيبًا مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا لِأَهْلِيهِمْ عَنْ يَزِيدَ مَا كَانَ يَقَعُ مِنْهُ مِنَ الْقَبَائِحِ فِي شُرْبِهِ الْخَمْرَ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَاحِشِ الَّتِي مِنْ أَكْبَرِهَا تَرْكُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا، بِسَبَبِ السُّكْرِ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى خَلْعِهِ، فَخَلَعُوهُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ النَّبَوِيِّ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ سَرِيَّةً، يَقْدُمُهَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، وَإِنَّمَا يُسَمِّيهِ السَّلَفُ: مُسْرِفَ بْنَ عُقْبَةَ، فَلَمَّا وَرَدَ الْمَدِينَةَ اسْتَبَاحَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فقتل في غضون هَذِهِ الْأَيَّامَ بَشَرًا كَثِيرًا حَتَّى كَادَ لَا يَفْلِتُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهَا، وَزَعَمَ بَعْضُ عُلَمَاءِ السلف أنه قتل في غضون ذَلِكَ أَلْفَ بِكْرٍ فاللَّه أَعْلَمُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ: قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ مِنْ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ، حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: وَكَانَ فِيهِمْ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وذلك في خلافة يزيد وقال يعقوب ابن سُفْيَانَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ عَبْدُ اللَّهِ بن يزيد المازني ومعقل بن سليمان الأشجعي، ومعاذ بن الحارث القاري، وَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ قَالَ يَعْقُوبُ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ الليث قال: كانت وَقْعَةُ الْحَرَّةِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، ثُمَّ انْبَعَثَ مُسْرِفُ بْنُ عُقْبَةَ إِلَى مَكَّةَ قَاصِدًا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ لِيَقْتُلَهُ بِهَا، لِأَنَّهُ فَرَّ مِنْ بَيْعَةِ يَزِيدَ، فَمَاتَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فِي غضون ذَلِكَ، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْخِلَافَةِ بِالْحِجَازِ، ثُمَّ أَخَذَ الْعِرَاقَ وَمِصْرَ، وَبُويِعَ بَعْدَ يَزِيدَ لِابْنِهِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا، فَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ، مَكَثَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ عِشْرِينَ يَوْمًا، ثُمَّ مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَوَثَبَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ عَلَى الشَّامِ فَأَخْذَهَا، فَبَقِيَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ مَاتَ، وقام بعده ابنه عبد الملك، فَنَازَعَهُ فِيهَا عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَشْدَقِ وَكَانَ نَائِبًا عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ زَمَنِ مُعَاوِيَةَ وَأَيَّامِ يَزِيدَ وَمَرْوَانَ، فَلَمَّا هَلَكَ مَرْوَانُ زَعَمَ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ ابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَضَاقَ بِهِ ذَرْعًا، وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَخَذَهُ بَعْدَ مَا اسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ بِدِمَشْقَ فَقَتَلَهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ، وَيُقَالُ: فِي سَنَةِ سَبْعِينَ، وَاسْتَمَرَّتْ أَيَّامُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَتَّى ظَفِرَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَمْرِهِ بِمَكَّةَ، بَعْدَ مُحَاصَرَةٍ طَوِيلَةٍ اقْتَضَتْ أَنْ نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى الْكَعْبَةِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى قَتَلَهُ، ثُمَّ عَهِدَ فِي الْأَمْرِ إِلَى بنيه الأربعة بَعْدِهِ الْوَلِيدِ، ثُمَّ سُلَيْمَانَ، ثُمَّ يَزِيدَ، ثُمَّ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَسْوَدُ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثَنَا كَامِلٌ أَبُو الْعَلَاءِ، سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ وهو مولى ضباعة المؤذن واسمه مينا- قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَعَوَّذُوا باللَّه مِنْ رَأْسِ السَّبْعِينَ، وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ، وَقَالَ: لَا تذهب الدنيا حتى يظهر اللكع ابْنِ لُكَعٍ، وَقَالَ الْأَسْوَدُ: يَعْنِي اللَّئِيمَ ابْنَ اللئيم وقد روى الترمذي من حديث أبى كَامِلٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عمر أمتى من ستين سنة إِلَى سَبْعِينَ سَنَةً، ثُمَّ قَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَفَّانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute