للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَرَابُلُسَ بِإِشَارَةِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ عَلَى السُّلْطَانِ بِذَلِكَ، ونائب حماة الملك المؤيد عماد الدين على قاعدة أسلافه، وقد مات نائب حلب استدمر وهي شاغرة عن نائب فيها، وَأَرْغُوَنُ الدَّوَادَارُ النَّاصِرِيُّ قَدْ وَصَلَ إِلَى دِمَشْقَ لتسفير قراسنقر منها إلى حَلَبَ وَإِحْضَارِ سَيْفِ الدِّينِ كِرَايْ إِلَى نِيَابَةِ دِمَشْقَ، وَغَالِبُ الْعَسَاكِرِ بِحَلَبَ وَالْأَعْرَابُ مُحْدِقَةٌ بِأَطْرَافِ الْبِلَادِ، فَخَرَجَ قَرَاسُنْقُرُ الْمَنْصُورِيُّ مِنْ دِمَشْقَ فِي ثالث المحرم في جميع حَوَاصِلِهِ وَحَاشِيَتِهِ وَأَتْبَاعِهِ، وَخَرَجَ الْجَيْشُ لِتَوْدِيعِهِ، وَسَارَ مَعَهُ أَرْغُوَنُ لِتَقْرِيرِهِ بِحَلَبَ وَجَاءَ الْمَرْسُومُ إِلَى نَائِبِ الْقَلْعَةِ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ بَهَادُرَ السِّنْجِرِيِّ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي أُمُورِ دِمَشْقَ إِلَى أَنْ يأتيه نَائِبٌ، فَحَضَرَ عِنْدَهُ الْوَزِيرُ وَالْمُوَقِّعُونَ وَبَاشَرَ النِّيَابَةَ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ وَقَوِيَتْ شَوْكَةُ الْوَزِيرِ إِلَى أَنْ وَلِيَ وِلَايَاتٍ عَدِيدَةٍ مِنْهَا لِابْنِ أَخِيهِ عِمَادِ الدين نظر الأسرار، واستمر في يده، وقدم نائب السلطنة سَيْفُ الدِّينِ كِرَاي الْمَنْصُورِيُّ إِلَى دِمَشْقَ نَائِبًا عليها. وفي يوم الخميس الحادي عشرين من المحرم خرج الناس لتلقيه وأوقدوا الشموع، وأعيدت مقصورة الخطابة إلى مكانها رَابِعِ عِشْرِينَ الْمُحَرَّمِ، وَانْفَرَجَ النَّاسُ وَلَبِسَ النَّجْمُ الْبُصْرَاوِيُّ خِلْعَةَ الْإِمْرَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ ثَالِثَ عَشَرَ صَفَرٍ عَلَى قَاعِدَةِ الْوُزَرَاءِ بِالطَّرْحَةِ، وَرَكِبَ مَعَ الْمُقَدَّمِينَ الْكِبَارِ وَهُوَ أَمِيرُ عَشَرَةٍ بِإِقْطَاعٍ يُضَاهِي إقطاع كبار الطبلخانات.

وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ سَابِعَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ جَلَسَ الْقُضَاةُ الْأَرْبَعَةُ بِالْجَامِعِ لِإِنْفَاذِ أَمْرِ الشُّهُودِ بِسَبَبِ تَزْوِيرٍ وَقَعَ مِنْ بَعْضِهِمْ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ فَغَضِبَ وَأَمَرَ بِذَلِكَ، فَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ كَبِيرُ شَيْءٍ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ حَالٌ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ وَلِيَ الشَّرِيفُ نَقِيبُ الْأَشْرَافِ أَمِينُ الدين جعفر بن محمد بن محيي الدين عَدْنَانَ نَظَرَ الدَّوَاوِينِ عِوَضًا عَنْ شِهَابِ الدِّينِ الْوَاسِطِيِّ، وَأُعِيدَ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ الزَّكِيِّ إِلَى مشيخة الشيوخ. وفيه وَلِيَ ابْنُ جَمَاعَةَ تَدْرِيسَ النَّاصِرِيَّةِ بِالْقَاهِرَةِ، وَضِيَاءُ الدين النسائي تَدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ، وَالْمِيعَادَ الْعَامَّ بِجَامِعِ طُولُونَ، وَنَظَرَ الْأَحْبَاسِ أَيْضًا. وَوَلِيَ الْوِزَارَةَ بِمِصْرَ أَمِينُ الْمُلْكِ أَبُو سَعِيدٍ عِوَضًا عَنْ سَيْفِ الدِّينِ بَكْتَمُرَ الْحَاجِبِ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ احتيط على الوزير عز الدين ابن الْقَلَانِسِيِّ بِدِمَشْقَ، وَرُسِمَ عَلَيْهِ مُدَّةَ شَهْرَيْنِ، وَكَانَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ كَثِيرَ الْحَنَقِ عَلَيْهِ، ثُمَّ أُفْرِجَ عَنْهُ وَأُعِيدَ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ إِلَى الحكم بديار مصر في حادي عشر رَبِيعٍ الْآخِرِ، مَعَ تَدْرِيسِ دَارِ الْحَدِيثِ الْكَامِلِيَّةِ، وجامع طولون والصالحية والناصرية، وجعل لَهُ إِقْبَالٌ كَثِيرٌ مِنَ السُّلْطَانِ، وَاسْتَقَرَّ جَمَالُ الدِّينِ الزُّرَعِيُّ عَلَى قَضَاءِ الْعَسْكَرِ وَتَدْرِيسِ جَامِعِ الْحَاكِمِ، وَرُسِمَ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ مَعَ الْقُضَاةِ بَيْنَ الْحَنَفِيِّ وَالْحَنْبَلِيِّ بِدَارِ الْعَدْلِ عِنْدَ السُّلْطَانِ.

وَفِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الْأُولَى أَشْهَدَ الْقَاضِيَ نَجْمُ الدِّينِ الدِّمَشْقِيُّ نَائِبُ ابْنِ صَصْرَى عَلَى نَفْسِهِ بِالْحُكْمِ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي الْمِلْكِ الَّذِي اشْتَرَاهُ ابن القلانسي من تركة المنصوري في الرمثا والثوجة والفصالية لِكَوْنِهِ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَنَفَّذَهُ بَقِيَّةُ الْحُكَّامِ، وَأُحْضِرَ ابْنُ الْقَلَانِسِيِّ إِلَى دَارِ السَّعَادَةِ وَادُّعِيَ عليه بريع

<<  <  ج: ص:  >  >>