للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال تعالى «وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ، * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، * عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ، * بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ» إلى قوله: «هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ، * تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ، * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ» بين سبحانه أن الشيطان إنما ينزل على من يناسبه ليحصل به غرضه، فان الشيطان يقصد الشر، وهو الكذب والفجور، ولا يقصد الصدق والعدل، فلا يقترن إلا بمن فيه كذب إما عمدا وإما خطأ وفجورا أيضا فان الخطأ في الدين هو من الشيطان أيضا كما قال ابن مسعود لما سئل عن مسألة: أقول فيها برأي فان يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمنى ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه، فان رسول الله بريء من تنزل الشياطين عليه في العمد والخطأ، بخلاف غير الرسول فإنه قد يخطئ ويكون خطؤه من الشيطان، وإن كان خطؤه مغفورا له، فإذا لم يعرف له خبرا أخبر به كان فيه مخطئا، ولا أمرا أمر به كان فيه فاجرا علم أن الشيطان لم ينزل عليه وإنما ينزل عليه ملك كريم، ولهذا قال في الآية الأخرى عن النبي: «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، * وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ، * وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ، * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ» انتهى ما ذكره، وهذا عين ما أورده بحروفه.

[باب]

وأما دلائل النبوة الحسية أعنى المشاهدة بالأبصار فسماوية وأرضية ومن أعظم ذلك كله انشقاق القمر المنير فرقتين، قال الله تعالى: «اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَاِنْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ، * وَكَذَّبُوا وَاِتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ، * وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ، * حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ» وقد اتفق العلماء مع بقية الأئمة على أن انشقاق القمر كان في عهد رسول الله، ، وقد وردت الأحاديث بذلك من طرق تفيد القطع عند الأمة.

[رواية أنس بن مالك *]

قال الامام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، ثنا معمر عن قتادة عن أنس قال: سأل أهل مكة النبي آية فانشق القمر بمكة فرقتين، فقال: «اقتربت الساعة وانشق القمر». ورواه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق * وقال البخاري: حدثني عبد الله بن عبد الوهاب، ثنا بشر بن المفضل، ثنا سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك أن أهل مكة سألوا رسول الله أن يريهم آية فأراهم القمر شقين، حتى رأوا حراء بينهما * وأخرجاه في الصحيحين من حديث شيبان عن قتادة، ومسلم من حديث شعبة عن قتادة.

[رواية جبير بن مطعم]

قال أحمد: حدثنا محمد بن كثير، ثنا سليمان بن بكير، عن حصين بن عبد الرحمن، عن محمد،

<<  <  ج: ص:  >  >>