قال أبو عمر بن عبد البر: أجمع العلماء على قبوله وجلالته وإمامته وعدله. توفى عبد الله بن المبارك بهيت في هذه السنة في رمضانها عن ثلاث وستين سنة.
[ومفضل بن فضالة]
ولى قضاء مصر مرتين، وكان دينا ثقة، فسأل الله أن يذهب عنه الأمل فأذهبه، فكان بعد ذلك لا يهنئه العيش ولا شيء من الدنيا، فسأل الله أن يرده عليه فرده فرجع إلى حاله.
[ويعقوب التائب]
العابد الكوفي، قال على بن الموفق عن منصور بن عمار: خرجت ذات ليلة وأنا أظن أنى قد أصبحت، فإذا على ليل، فجلست إلى باب صغير وإذا شاب يبكى وهو يقول: وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتك مخالفتك ولكن سولت لي نفسي، وغلبتني شقوتي، وغرني سترك المرخى عليّ فالآن من عذابك من يستنقذني؟ وبحبل من أتصل إن أنت قطعت حبلك عنى؟ وا سوأتاه على ما مضى من أيامى في معصية ربى، يا ويلى كم أتوب وكم أعود، قد حان لي أن أستحى من ربى ﷿.
قال منصور فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ﴾ قال: فسمعت صوتا واضطرابا شديدا فذهبت لحاجتي، فلما رجعت مررت بذلك الباب فإذا جنازة موضوعة، فسألت عنه فإذا ذاك الفتى قد مات من هذه الآية.
[ثم دخلت سنة ثنتين وثمانين ومائة]
فيها أخذ الرشيد لولده عبد الله المأمون ولاية العهد من بعد أخيه محمد الأمين بن زبيدة، وذلك بالرقة بعد مرجعه من الحج، وضم ابنه المأمون إلى جعفر بن يحيى البرمكي وبعثه إلى بغداد ومعه جماعة من أهل الرشيد خدمة له، وولاه خراسان وما يتصل بها، وسماه المأمون. وفيها رجع يحيى بن خالد البرمكي من مجاورته بمكة إلى بغداد. وفيها غزا الصائفة عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح فبلغ مدينة أصحاب الكهف. وفيها سملت الروم عيني ملكهم قسطنطين بن اليون وملكوا عليهم أمه ريني وتلقب أغسطه. وحج بالناس موسى بن عيسى بن العباس.
[وفيها توفى من الأعيان]
إسماعيل بن عياش الحمصي أحد المشاهير من أئمة الشاميين، وفيه كلام.
ومروان بن أبى حفصة الشاعر المشهور المشكور، كان يمدح الخلفاء والبرامكة.
[ومعن بن زائدة]
حصل من الأموال شيئا كثيرا جدا، وكان مع ذلك من أبخل الناس، لا يكاد يأكل اللحم.
من بخلة، ولا يشعل في بيته سراجا، ولا يلبس من الثياب الا الكرباسي والفرو الغليظ، وكان رفيقه