للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضرب بالكرزين ثم سقط يركض برجله فارتج أهل الطائف بصيحة واحدة وفرحوا وقالوا أبعد الله المغيرة قتلته الربة، وقالوا لأولئك من شاء منكم فليقترب، فقام المغيرة فقال: والله يا معشر ثقيف إنما هي لكاع حجارة ومدر، فاقبلوا عافية الله واعبدوه، ثم إنه ضرب الباب فكسره، ثم علا سورها وعلا الرجال معه فما زالوا يهدمونها حجرا حجرا حتى سووها بالأرض، وجعل سادنها يقول:

ليغضبن الأساس فليخسفن بهم، فلما سمع المغيرة قال لخالد: دعني أحفر أساسها فحفروه حتى أخرجوا ترابها وجمعوا ماءها وبناءها، وبهتت عند ذلك ثقيف، ثم رجعوا إلى رسول الله فقسم أموالها من يومه وحمدوا الله تعالى على اعتزاز دينه ونصرة رسوله.

قال ابن إسحاق: وكان كتاب رسول الله الّذي كتب لهم، ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ،﴾ من محمد النبي رسول الله إلى المؤمنين إن عضاه وج (١) وصيده لا يعضد من وجد يفعل شيئا من ذلك فإنه يجلد وتنزع ثيابه، وإن تعدى ذلك فإنه يؤخذ فيبلغ به النبي محمدا وإن هذا أمر النبي محمد، وكتب خالد بن سعيد بأمر الرسول محمد بن عبد الله فلا يتعداه أحد فيظلم نفسه فيما أمر به محمد رسول الله.

وقد قال الامام احمد حدثنا عبد الله بن الحارث - من أهل مكة مخزومى - حدثني محمد ابن عبد الله بن أنسان - وأثنى عليه خيرا - عن أبيه عن عروة بن الزبير قال: أقبلنا مع رسول الله من ليّة (٢) حتى إذا كنا عند السدرة وقف رسول الله في طرف القرن حذوها فاستقبل محبسا ببصره - يعنى واديا - ووقف حتى اتفق الناس كلهم ثم قال «إن صيدوح وعضاهه حرم محرم لله» وذلك قبل نزوله الطائف وحصاره ثقيفا، وقد رواه أبو داود من حديث محمد بن عبد الله بن إنسان الطائفي وقد ذكره ابن حبان في ثقاته. وقال ابن معين ليس به بأس. تكلم فيه بعضهم وقد ضعف احمد والبخاري وغيرهما هذا الحديث، وصححه الشافعيّ وقال بمقتضاه والله أعلم.

ذكر موت عبد الله بن أبىّ قبحه الله

قال محمد بن إسحاق: حدثني الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد. قال: دخل رسول الله على عبد الله بن أبىّ يعوده في مرضه الّذي مات فيه، فلما عرف فيه الموت قال رسول الله «أما والله إن كنت لأنهاك عن حب يهود» فقال قد أبغضهم أسعد بن زرارة فمه؟. وقال الواقدي مرض عبد الله بن أبى في ليال بقين من شوال، ومات في ذي القعدة، وكان مرضه عشرين ليلة، فكان رسول الله يعوده فيها،

فلما كان اليوم الّذي مات فيه دخل عليه رسول الله وهو يجود


(١) وج: هي أرض الطائف وحرم عضاهه وشجره على غير أهله كتحريم المدينة ومكة حكاه السهيليّ.
(٢) لية: (بتشديد الياء وكسر اللام) من نواحي الطائف.

<<  <  ج: ص:  >  >>