أهل الكوفة من عمار فاستعفى عمار من عمله، فعزله وولى جبير بن مطعم، وأمره أن لا يعلم أحدا، وبعث المغيرة بن شعبة امرأته إلى امرأة جبير يعرض عليها طعاما للسفر فقالت: اذهبي فأتينى به. فذهب المغيرة إلى عمر فقال: بارك الله يا أمير المؤمنين فيمن وليت على الكوفة. فقال: وما ذاك؟ وبعث إلى جبير بن مطعم فعزله وولى المغيرة بن شعبة ثانية، فلم يزل عليها حتى مات عمر ﵃.
قال: وفيها حج عمر واستخلف على المدينة زيد بن ثابت وكان عماله على البلدان المتقدمون في السنة التي قبلها سوى الكوفة.
قال الواقدي: وفيها توفى خالد بن الوليد بحمص وأوصى إلى عمر بن الخطاب. وقال غيره توفى سنة ثلاث وعشرين، وقيل بالمدينة. والأول أصح. وقال غيره: وفيها توفى العلاء بن الحضرميّ فولى عمر مكانه أبا هريرة. وقد قيل إن العلاء توفى قبل هذا كما تقدم والله أعلم.
وقال ابن جرير فيما حكاه عن الواقدي: وكان أمير دمشق في هذه السنة عمير بن سعيد، وهو أيضا على حمص وحوران وقنسرين والجزيرة، وكان معاوية على البلقاء والأردن، وفلسطين، والسواحل وأنطاكية، وغير ذلك.
[ذكر من توفى في هذه السنة أعنى سنة إحدى وعشرين]
[خالد بن الوليد]
ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي أبو سليمان المخزومي، سيف الله، أحد الشجعان المشهورين، لم يقهر في جاهلية ولا إسلام. وأمه عصماء بنت الحارث، أخت لبابة (١) بنت الحارث، وأخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين. قال الوقدى: أسلم أول يوم من صفر سنة ثمان، وشهد مؤتة وانتهت إليه الامارة يومئذ عن غير إمرة، فقاتل يومئذ قتالا شديدا لم ير مثله، اندقت في يده تسعة أسياف، ولم تثبت في يده إلا صفيحة يمانية.
وقد قال رسول الله ﷺ«أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب، ثم أخذها سيف من سيوف الله ففتح الله على يديه». وقد روى أن خالدا سقطت قلنسوته يوم اليرموك وهو في الحرب فجعل يستحث في طلبها فعوتب في ذلك، فقال: إن فيها شيئا من شعر ناصية رسول الله ﷺ، وإنها ما كانت معى في موقف إلا نصرت بها.
وقد روينا في مسند أحمد من طريق الوليد بن مسلم عن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده وحشي بن حرب عن أبى بكر الصديق أنه لما أمر خالدا على حرب أهل الردة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول «فنعم عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد، خالد بن الوليد سيف من سيوف الله
(١) الّذي في المصرية: أمه لبابة بنت الحارث أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين.