للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هشام ونادى أبو بكر ابنه عبد الرحمن وهو يومئذ مع المشركين لم يسلم بعد فقال: أين مالي يا خبيث فقال عبد الرحمن:

لم يبق إلا شكة ويعبوب … وصارم يقتل ضلال الشيب

يعنى لم يبق إلا عدة الحرب، وحصان وهو اليعبوب يقاتل عليه شيوخ الضلالة، هذا يقوله في حال كفره. وقد

روينا في مغازي الأموي أن رسول الله جعل يمشى هو وأبو بكر الصديق بين القتلى ورسول الله يقول «نفلق هاما» فيقول الصديق:

من رجال أعزة علينا … وهم كانوا أعق وأظلما

[ذكر طرح رءوس الكفر في بئر يوم بدر]

قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة قالت: لما أمر رسول الله بالقتلى أن يطرحوا في القليب، طرحوا فيه إلا ما كان من أمية بن خلف فإنه انتفخ في درعه فملأها فذهبوا ليخرجوه فتزايل [لحمه] فأقروه وألقوا عليه ما غيبه من التراب والحجارة، فلما ألقاهم في القليب وقف عليهم فقال: «يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فانى قد وجدت ما وعدني ربى حقا» قالت فقال له أصحابه يا رسول الله أتكلم قوما موتى فقال «لقد علموا أن ما وعدهم ربهم حق» قالت عائشة: والناس يقولون: لقد سمعوا ما قلت لهم، وإنما قال رسول الله لقد علموا

قال ابن إسحاق: وحدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال سمع أصحاب النبي رسول الله من جوف الليل وهو يقول «يا أهل القليب، يا عتبة بن ربيعة، ويا شيبة بن ربيعة، ويا أمية بن خلف، ويا أبا جهل بن هشام - فعدد من كان منهم في القليب - هل وجدتم ما وعد ربكم حقا فانى قد وجدت ما وعدني ربى حقا» فقال المسلمون: يا رسول الله أتنادى قوما قد جيفوا؟ فقال «ما أنتم باسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني» وقد رواه الامام احمد عن ابن أبى عدي عن حميد عن أنس فذكر نحوه. وهذا على شرط الشيخين

قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله قال «يا أهل القليب بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم كذبتموني وصدقنى الناس، وأخرجتمونى وآوانى الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فانى قد وجدت ما وعدني ربى حقا».

قلت: وهذا مما كانت عائشة تتأوله من الأحاديث كما قد جمع ما كانت تتأوله من الأحاديث في جزء وتعتقد أنه معارض لبعض الآيات، وهذا المقام مما كانت تعارض فيه قوله ﴿وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ وليس هو بمعارض له والصواب قول الجمهور من الصحابة ومن بعدهم

<<  <  ج: ص:  >  >>