للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَاكِمَ بِمِصْرَ وَهُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ أَنَّ الرُّومَ نَزَلُوا بَرْقَةَ، فَأَمَرَهُ بِالنُّهُوضِ إِلَيْهِمْ، فَسَاقَ زُهَيْرٌ وَمَعَهُ أَرْبَعُونَ نَفْسًا فَوَجَدَ الرُّومَ فَأَرَادَ أَنْ يَكُفَّ عَنِ الْقِتَالِ حَتَّى يَلْحَقَهُ الْعَسْكَرُ، فَقَالُوا: يَا أَبَا شَدَّادٍ احْمِلْ بِنَا عَلَيْهِمْ، فَحَمَلُوا فَقُتِلُوا جَمِيعًا

الْمُنْذِرُ بْنُ الْجَارُودِ

مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. تَوَلَّى بَيْتَ الْمَالِ ووفد على معاوية والله أعلم] [١] .

[ثم دخلت سنة سبع وسبعين]

فِيهَا أَخْرَجَ الْحَجَّاجُ مُقَاتِلَةَ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَكَانُوا أَرْبَعِينَ أَلْفًا، وَانْضَافَ عَلَيْهِمْ عَشَرَةُ آلَافٍ، فَصَارُوا خَمْسِينَ أَلْفًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَتَّابَ بْنَ وَرْقَاءَ وأمره أن يقصد لشبيب أين كان، وأن يصمم على قتاله- وكان قد اجتمع على شبيب أَلْفَ رَجُلٍ- وَأَنْ لَا يَفْعَلُوا كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ قَبْلَهَا مِنَ الْفِرَارِ وَالْهَزِيمَةِ.

وَلَمَّا بَلَغَ شبييا ما بعث به الحجاج إليه من العساكر والجنود، لَمْ يَعْبَأْ بِهِمْ شَيْئًا، بَلْ قَامَ فِي أَصْحَابِهِ خَطِيبًا فَوَعَظَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ وَحَثَّهُمْ عَلَى الصَّبْرِ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَمُنَاجَزَةِ الْأَعْدَاءِ، ثُمَّ سَارَ شَبِيبٌ بِأَصْحَابِهِ نَحْوَ عَتَّابِ بْنِ وَرْقَاءَ، فَالْتَقَيَا فِي آخِرِ النَّهَارِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأَمَرَ شَبِيبٌ مؤذنه سلام بن يسار الشَّيْبَانِيَّ فَأَذَّنَ الْمَغْرِبَ ثُمَّ صَلَّى شَبِيبٌ بِأَصْحَابِهِ المغرب صلاة تامة الركوع والسجود، وصف عتاب أصحابه- وكان قد خندق حوله وحول جَيْشِهِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ- فَلَمَّا صَلَّى شَبِيبٌ بِأَصْحَابِهِ الْمَغْرِبَ انْتَظَرَ حَتَّى طَلَعَ الْقَمَرُ وَأَضَاءَ ثم تَأَمَّلَ الْمَيْمَنَةَ وَالْمَيْسَرَةَ ثُمَّ حَمَلَ عَلَى أَصْحَابِ رَايَاتِ عَتَّابٍ وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا شَبِيبٌ أَبُو المد له لَا حُكْمَ إِلَّا للَّه، فَهَزَمَهُمْ وَقُتِلَ أَمِيرُهُمْ قَبِيصَةُ بْنُ وَالِقٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ مَعَهُ، ثُمَّ كَرَّ عَلَى الْمَيْمَنَةِ وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ فَفَرَّقَ شَمْلَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ قَصَدَ الْقَلْبَ فَمَا زَالَ حَتَّى قُتِلَ الْأَمِيرُ عَتَّابُ بْنُ ورقاء وزهرة بن جونة، وولى عامة الجيش مدبرين وداسوا الأمير عتاب وَزَهْرَةُ فَوَطِئَتْهُ الْخَيْلُ. وَقُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ عَمَّارُ بْنُ يَزِيدَ الْكَلْبِيُّ. ثُمَّ قَالَ شَبِيبٌ لِأَصْحَابِهِ: لَا تَتَبَّعُوا مُنْهَزِمًا، وَانْهَزَمَ جَيْشُ الْحَجَّاجِ عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ رَاجِعِينَ إِلَى الْكُوفَةِ، وَكَانَ شَبِيبٌ لَمَّا احْتَوَى عَلَى الْمُعَسْكَرِ أَخَذَ مِمَّنْ بَقِيَ مِنْهُمُ الْبَيْعَةَ لَهُ بِالْإِمَارَةِ وَقَالَ لَهُمْ إِلَى أي سَاعَةٍ تَهْرُبُونَ؟ ثُمَّ احْتَوَى عَلَى مَا فِي الْمُعَسْكَرِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْحَوَاصِلِ، وَاسْتَدْعَى بِأَخِيهِ مُصَادٍ مِنَ الْمَدَائِنِ، ثُمَّ قَصَدَ نَحْوَ الْكُوفَةِ، وَقَدْ وَفَدَ إِلَى الْحَجَّاجِ سُفْيَانُ بْنُ الْأَبْرَدِ الْكَلْبِيُّ وحبيب بن عبد الرحمن الحكمي من مذ حج فِي سِتَّةِ آلَافِ فَارِسٍ وَمَعَهُمَا خَلْقٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَاسْتَغْنَى الْحَجَّاجُ بِهِمْ عَنْ نُصْرَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَقَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ لَا أَعَزَّ اللَّهُ مَنْ أَرَادَ بِكُمُ الْعِزَّ، وَلَا نَصَرَ مَنْ أَرَادَ بِكُمُ النَّصْرَ، اخْرُجُوا عَنَّا فَلَا تَشْهَدُوا مَعَنَا قِتَالَ عَدُّوِّنَا، الْحَقُوا بِالْحِيرَةِ فَانْزِلُوا مَعَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَلَا يُقَاتِلَنَّ مَعَنَا إِلَّا مَنْ كَانَ عاملا لنا، وَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ قِتَالَ عَتَّابِ بْنِ وَرَقَاءَ، وَعَزَمَ الْحَجَّاجُ عَلَى قِتَالِ شَبِيبٍ بِنَفْسِهِ وَسَارَ شبيب حتى


[١] سقط من المصرية

<<  <  ج: ص:  >  >>