فخفض من صوته وجعل صلاحه بينه وبين الله، فجعل لا يأتى على أحد بعد ذلك إلا دعا له بخير] (١).
[سراقة بن مرداس الأزدي]
كان شاعرا مطبقا، هجا الحجاج فنفاه إلى الشام فتوفى بها
النابغة الجعديّ
الشاعر. السائب بن يزيد الكندي، توفى في هذه السنة. سفيان بن سلمة الأسدي. معاوية بن قرة البصري. زر بن حبيش.
[ثم دخلت سنة تسع وسبعين]
ففيها وقع طاعون عظيم بالشام حتى كادوا يفنون من شدته، ولم يغز فيها أحد من أهل الشام لضعفهم وقلتهم، ووصلت الروم فيها انطاكية فأصابوا خلقا من أهلها لعلمهم بضعف الجنود والمقاتلة.
وفيها غزا عبيد الله بن أبى بكرة رتبيل ملك الترك حتى أوغل في بلاده، ثم صالحه على مال يحمله إليه في كل سنة، وفيها قتل عبد الملك بن مروان الحارث بن سعيد المتنبي الكذاب، ويقال له الحارث بن عبد الرحمن بن سعيد الدمشقيّ، مولى أبى الجلاس العبدري، ويقال مولى الحكم بن مروان، كان أصله من الجولة فنزل دمشق وتعبد بها وتنسك وتزهد ثم مكر به ورجع القهقرى على عقبيه، وانسلخ من آيات الله تعالى، وفارق حزب الله المفلحين، واتبع الشيطان فكان من الغاوين ولم يزل الشيطان يزج في قفاه حتى أخسره دينه ودنياه، وأخزاه وأشقاه. فإنا لله وحسبنا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قال أبو بكر بن أبى خيثمة: ثنا عبد الوهاب نجدة الجولى حدثنا محمد بن مبارك ثنا الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن حسان قال. كان الحارث الكذاب من أهل دمشق، وكان مولى لأبى الجلاس، وكان له أب بالجولة، فعرض له إبليس، وكان رجلا متعبدا زاهدا لو لبس جبة من ذهب لرؤيت عليه الزهادة والعبادة، وكان إذا أخذ بالتحميد لم يسمع السامعون مثل تحميده ولا أحسن من كلامه، فكتب إلى أبيه وكان بالجولة: يا أبتاه أعجل على فانى قد رأيت أشياء أتخوف أن يكون الشيطان قد عرض لي، قال فزاده أبو غيا على غيه، فكتب إليه أبوه: يا بنى أقبل على ما أمرت به فان الله تعالى يقول ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ * تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ﴾ ولست بأفاك ولا أثيم، فامض لما أمرت به، وكان يجيء إلى أهل المسجد رجلا رجلا فيذاكرهم أمره ويأخذ عليهم العهد والميثاق إن هو يرى ما يرضى وإلا كتم عليه.
قال: وكان يريهم الأعاجيب، كان يأتى إلى رخامة في المسجد فينقرها بيده فتسبح تسبيحا بليغا حتى يضج من ذلك الحاضرون. قلت: وقد سمعت شيخنا العلامة أبا العباس بن تيمية ﵀ يقول كان ينقر هذه الرخامة الحمراء التي في المقصورة فتسبح، وكان زنديقا. قال ابن أبى خيثمة في روايته