يساق بنو الدنيا إلى الحتف عنوة … ولا يشعر الباقي بحالة من يمضى
كأنهم الأنعام في جهل بعضها … بما ثم من سفك الدماء على بعض
[الشيخ نصير الدين]
المبارك بن يحيى بن أبى الحسن أبى البركات بن الصباغ الشافعيّ، العلامة في الفقه والحديث، درس وأفتى وصنف وانتفع به، وعمر ثمانين سنة، وكانت وفاته في حادي عشرة جمادى الأولى من هذه السنة، رحمه الله تعالى.
[الشيخ أبو الحسن]
على بن عبد الله بن إبراهيم الكوفي المقري النحويّ الملقب بسيبويه، وكان فاضلا بارعا في صناعة النحو، توفى بمارستان القاهرة في هذه السنة عن سبع وستين سنة ﵀. ومن شعره:
عذبت قلبي بهجر منك متصل … يا من هواه ضمير غير منفصل
فما زادني غير تأكيد صدك لي … فما عدو لك من عطف إلى بدل] (١)
وفيها ولد شيخنا العلامة كمال الدين محمد بن على الأنصاري بن الزملكانى شيخ الشافعية.
[ثم دخلت سنة ثمان وستين وستمائة]
في ثانى المحرم منها دخل السلطان من الحجاز على الهجن فلم يرع الناس إلا وهو في الميدان الأخضر يسير، ففرح الناس بذلك، وأراح الناس من تلقيه بالهدايا والتحف، وهذه كانت عادته، وقد عجب الناس من سرعة مسيره وعلو همته، ثم سار إلى حلب، ثم سار إلى مصر فدخلها في سادس الشهر مع الركب المصري، وكانت زوجته أم الملك السعيد في الحجاز هذه السنة، ثم خرج في ثالث عشر صفر هو وولده والأمراء إلى الاسكندرية فتصيد هنالك، وأطلق للأمراء الأموال الكثيرة والخلع، ورجع مؤيدا منصورا.
وفي المحرم منها قتل صاحب مراكش أبو العلاء إدريس بن عبد الله بن محمد بن يوسف الملقب بالواثق، قتله بنو مزين في حرب كانت بينه وبينهم بالقرب من مراكش. وفي ثالث عشر ربيع الآخر منها وصل السلطان إلى دمشق في طائفة من جيشه، وقد لقوا في الطريق مشقة كثيرة من البرد والوحل، فخيم على الزنبقية وبلغه أن ابن أخت زيتون خرج من عكا يقصد جيش المسلمين، فركب إليه سريعا فوجده قريبا من عكا فدخلها خوفا منه. وفي رجب تسلم نواب السلطان مصياف من الإسماعيلية، وهرب منها أميرهم الصارم مبارك بن الرضى، فتحيل عليه صاحب حماه حتى أسره وأرسله إلى السلطان فحبسه في بعض الابرجة في القاهرة. وفيها أرسل السلطان الدرابزينات إلى الحجرة