للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجه الثاني: أن رسول الله قد خص من بين الأنبياء بأحكام لا يشاركونه فيها كما سنعقد له بابا مفردا في آخر السيرة إن شاء الله، فلو قدر أن غيره من الأنبياء يورثون - وليس الأمر كذلك - لكان ما رواه من ذكرنا من الصحابة الذين منهم الأئمة الأربعة، أبو بكر وعمر وعثمان وعلى مبينا لتخصيصه بهذا الحكم دون ما سواه.

والثالث: أنه يجب العمل بهذا الحديث والحكم بمقتضاه كما حكم به الخلفاء، واعترف بصحته العلماء، سواء كان من خصائصه أم لا. فإنه

قال: «لا نورث ما تركناه صدقة» إذ يحتمل من حيث اللفظ أن يكون

قوله «ما تركنا صدقة» أن يكون خبرا عن حكمه أو حكم سائر الأنبياء معه على ما تقدم وهو الظاهر، ويحتمل أن يكون إنشاء وصيته كأنه يقول لا نورث لأن جميع ما تركناه صدقة، ويكون تخصيصه من حيث جواز جعله ماله كله صدقة، والاحتمال الأول أظهر. وهو الّذي سلكه الجمهور. وقد يقوى المعنى الثاني بما تقدم من

حديث مالك وغيره عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة. أن رسول الله قال: «لا تقتسم ورثتي دينارا، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة» وهذا اللفظ مخرج في الصحيحين، وهو يرد تحريف من قال من الجهلة من طائفة الشيعة في رواية هذا الحديث ما تركنا صدقة بالنصب، جعل - ما - نافية، فكيف يصنع بأول الحديث وهو قوله لا نورث؟! وبهذه الرواية

«ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة» وما شأن هذا إلا كما حكى عن بعض المعتزلة أنه قرأ على شيخ من أهل السنة ﴿وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً﴾ بنصب الجلالة، فقال له الشيخ: ويحك كيف تصنع بقوله تعالى ﴿وَلَمّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ والمقصود أنه يجب العمل

بقوله «لا نورث ما تركنا صدقة» على كل تقدير احتمله اللفظ والمعنى فإنه مخصص لعموم آية الميراث، ومخرج له منها، إما وحده أو مع غيره من إخوانه الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام.

[باب ذكر زوجاته صلوات الله وسلامه عليه ورضى عنهن وأولاده ]

قال الله تعالى: ﴿يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اِتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً، * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، * وَاُذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً﴾ لا خلاف أنه توفى عن تسع وهن، عائشة بنت أبى بكر الصديق التيمية، وحفصة بنت عمر بن الخطاب

<<  <  ج: ص:  >  >>