للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرجكم الّذي رتب الإخراج على أكلى من الشجرة والّذي رتب ذلك وقدره وكتبه قبل أن أخلق هو الله ﷿ فأنت تلومني على أمر ليس له نسبة الى أكثر ما أنى نهيت عن الأكل من الشجرة فأكلت منها وكون الإخراج مترتبا على ذلك ليس من فعلى فأنا لم أخرجكم ولا نفسي من الجنة وانما كان هذا من قدرة الله وصنعه وله الحكمة في ذلك فلهذا حج آدم موسى * ومن كذب بهذا الحديث فمعاند لانه متواتر عن أبى هريرة وناهيك به عدالة وحفظ وإتقانا * ثم هو مروى عن غيره من الصحابة كما ذكرنا. ومن تأوله بتلك التأويلات المذكورة آنفا فهو بعيد من اللفظ والمعنى. وما فيهم من هو أقوى مسلكا من الجبرية. وفيما قالوه نظر من وجوه * (أحدها) أن موسى لا يلوم على أمر قد تاب منه فاعله (الثاني) انه قد قتل نفسا لم يؤمر بقتلها وقد سأل الله في ذلك بقوله «رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ» الآية (الثالث) انه لو كان الجواب عن اللوم على الذنب بالقدر المتقدم كتابته على العبد لا نفتح هذا لكل من ليم على أمر قد فعله فيحتج بالقدر السابق فينسد باب القصاص والحدود ولو كان القدر حجة لاحتج به كل أحد على الأمر الّذي ارتكبه في الأمور الكبار والصغار وهذا يفضي الى لوازم فظيعة. فلهذا قال من قال من العلماء بان جواب آدم انما كان احتجاجا بالقدر على المصيبة لا المعصية والله تعالى أعلم.

[ذكر الأحاديث الواردة في خلق آدم ]

قال الامام أحمد حدثنا يحيى ومحمد بن جعفر حدثنا عوف حدثني قسامة بن زهير عن أبى موسى عن النبي قال (ان الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك. والخبيث والطيب والسهل والحزن وبين ذلك

ورواه أيضا عن هوذة عن عوف عن قسامة بن زهير سمعت الأشعري قال قال رسول الله (ان الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك. والسهل والحزن وبين ذلك. والخبيث والطيب وبين ذلك). وكذا رواه أبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه من حديث عوف بن أبى جميلة الأعرابي عن قسامة بن زهير المازني البصري عن ابى موسى عبد الله بن قيس الأشعري عن النبي بنحوه. وقال الترمذي حسن صحيح * وقد ذكر السدي عن أبى مالك وأبى صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله قالوا (فبعث الله ﷿ جبريل في الأرض ليأتيه بطين منها فقالت الأرض أعوذ بالله منك ان تنقص منى أو تشيننى فرجع ولم يأخذ وقال رب انها عاذت بك فأعذتها

<<  <  ج: ص:  >  >>