للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعل لا يؤتى بأسير إلا خلع على من جاء به، وجعل لمن جاءه الفتكين مائة ألف دينار، فاتفق أن الفتكين عطش عطشا شديدا، فاجتاز بمفرج بن دغفل، وكان صاحبه، فاستسقاه فسقاه وأنزله عنده في بيوته، وأرسل إلى العزيز يخبره بأن طلبته عنده، فليحمل المال إلى وليأخذ غريمه، فأرسل إليه بمائة ألف دينار وجاء من تسلمه منه، فلما أحيط بالفتكين لم يشك أنه مقتول، فما هو إلا أن حضر عند العزيز أكرمه غاية الاكرام، ورد إليه حواصله وأمواله لم يفقد منها شيئا، وجعله من أخص أصحابه وأمرائه، وأنزله إلى جانب منزله، ورجع به إلى الديار المصرية مكرما معظما، وأقطعه هنالك اقطاعات جزيلة، وأرسل إلى القرمطى أن يقدم عليه ويكرمه كما أكرم الفتكين، فامتنع عليه وخاف منه، فأرسل إليه بعشرين ألف دينار، وجعلها له عليه في كل سنة، يكف بها شره، ولم يزل الفتكين مكرما عند العزيز حتى وقع بينه وبين الوزير ابن كاس، فعمل عليه حتى سقاه سما فمات، وحين علم العزيز بذلك غضب على الوزير وحبسه بضعا وأربعين يوما، وأخذ منه خمسمائة ألف دينار ثم رأى أن لا غنى به عنه فأعاده إلى الوزارة. وهذا ملخص ما ذكره ابن الأثير.

[وفيها توفى من الأعيان]

[سبكتكين الحاجب التركي]

مولى المعز الديلميّ وحاجبه، وقد ترقى في المراتب حتى آل به الأمر إلى أن قلده الطائع الامارة وخلع عليه وأعطاه اللواء، ولقبه بنور الدولة، وكانت مدة أيامه في هذا المقام شهرين وثلاثة عشر يوما، ودفن ببغداد وداره هي دار الملك ببغداد، وهي دار عظيمة جدا، وقد اتفق له أنه سقط مرة عن فرسه فانكسر صلبه فداواه الطبيب حتى استقام ظهره وقدر على الصلاة إلا أنه لا يستطيع الركوع، فأعطاه شيئا كثيرا من الأموال، وكان يقول للطبيب: إذا ذكرت وجعي ومداواتك لي لا أقدر على مكافأتك، ولكن إذا تذكرت وضعك قدميك على ظهري اشتد غضبى منك. توفى ليلة الثلاثاء لسبع بقين من المحرم منها، وقد ترك من الأموال شيئا كثيرا جدا، من ذلك ألف ألف دينار وعشرة آلاف ألف درهم، وصندوقان من جوهر، وخمسة عشر صندوقا من البلور، وخمسة وأربعين صندوقا من آنية الذهب، ومائة وثلاثون كوكبا من ذهب، منها خمسون وزن كل واحد ألف دينار، وستمائة مركب من فضة وأربعة آلاف ثوب من ديباج، وعشرة آلاف ديبقي وعتابى، وثلاثمائة عدل معكومة من الفرش، وثلاثة آلاف فرس وألف جمل وثلاثمائة غلام وأربعون خادما وذلك غير ما أودع عند أبى بكر البزار. وكان صاحبه.

[ثم دخلت سنة خمس وستين وثلاثمائة]

فيها قسم ركن الدولة بن بويه ممالكه بين أولاده عند ما كبرت سنه، فجعل لولده عضد الدولة بلاد فارس وكرمان وأرجان، ولولده مؤيد الدولة الري وأصبهان، ولفخر الدولة همدان والدينور،

<<  <  ج: ص:  >  >>