للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قصة عيسى بن مريم عبد الله ورسوله وابن أمته عليه من الله أفضل الصلاة والسلام]

قال الله تعالى في سورة آل عمران التي أنزل صدرها وهو ثلاث وثمانون آية منها في الرد على النصارى عليهم لعائن الله الذين زعموا ان لله ولدا تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. وكان قد قدم وفد نجران منهم على رسول الله فجعلوا يذكرون ما هم عليه من الباطل من التثليث في الأقانيم ويدعون بزعمهم ان الله ثالث ثلاثة وهم الذات المقدسة وعيسى ومريم على اختلاف فرقهم فانزل الله ﷿ صدر هذه السورة بين فيها ان عيسى عبد من عباد الله خلقه وصوره في الرحم كما صور غيره من المخلوقات وانه خلقه من غير أب كما خلق آدم من غير أب ولا أم وقال له كن فكان . وبين أصل ميلاد أمه مريم وكيف كان من أمرها وكيف حملت بولدها عيسى وكذلك بسط ذلك في سورة مريم كما سنتكلم على ذلك كله بعون الله وحسن توفيقه وهدايته فقال تعالى وهو اصدق القائلين ﴿إِنَّ اللهَ اِصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِذْ قالَتِ اِمْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ * فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ يذكر تعالى انه اصطفى آدم والخلص من ذريته المتبعين شرعه الملازمين طاعته ثم خصص فقال وآل إبراهيم فدخل فيهم بنو إسماعيل وبنو إسحاق. ثم ذكر فضل هذا البيت الطاهر الطيب وهم آل عمران والمراد بعمران هذا والد مريم وقال محمد ابن إسحاق وهو عمران بن باشم بن أمون ابن ميشا بن حزقيا بن احريق بن موثم بن عزازيا بن امصيا بن ياوش بن احريهو بن يازم بن يهفاشاط بن ايشا بن أيان بن رحبعام بن سليمان بن داود * وقال ابو القاسم بن عساكر مريم بنت عمران بن ماثان بن العازر بن اليود بن اخنر بن صادوق بن عيازوز بن الياقيم بن ايبود بن زريابيل بن شالتال بن يوحينا بن برشا بن امون بن ميشا بن حزقا بن أحاز بن موثام بن عزريا بن يورام بن يوشافاط ابن ايشا بن ايبا بن رحبعام ابن سليمان بن داود وفيه مخالفة كما ذكره محمد بن إسحاق ولا خلاف انها من سلالة داود وكان أبوها عمران صاحب صلاة بنى إسرائيل في زمانه وكانت أمها وهي حنة بنت فاقود بن قبيل من العابدات وكان زكريا نبي ذلك الزمان زوج أخت مريم أشياع في قول الجمهور وقيل زوج خالتها أشياع فالله أعلم وقد ذكر محمد بن إسحاق وغيره ان أم مريم كانت لا تحبل فرأت يوما طائرا يزق فرخا له فاشتهت

<<  <  ج: ص:  >  >>