للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير ما بقي عنده من الذهب والفضة المصكوكة. فقلت له: إن هذا أمر لا يشاركك فيه أحد من النجار ببغداد، مع مالك من الوجاهة عند الدولة والناس. قال: فسرى عنه وتسلى عما فات وأكل - وكان له ثلاثة أيام لم يأكل شيئا - ولما خلص في مصادرة المقتدر بشفاعة أمه السيدة فيه حكى عن نفسه قال:

نظرت في دار الخلافة إلى مائة خيشه، فيها متاع رث مما حمل إلى من مصر، وهو عندهم في دار مضيعة وكان لي في حمل منها ألف دينار موضوعة في مصر لا يشعر بها أحد، فاستوهبت ذلك من أم المقتدر فكلمت في ذلك ولدها فأطلقه إلى فتسلمته فإذا الذهب لم ينقص منه شيء وقد كان ابن الجصاص مع ذلك مغفلا شديد التغفل في كلامه وأفعاله، وقد ذكر عنه أشياء تدل على ذلك، وقيل إنه إنما كان يظهر ذلك قصدا ليقال إنه مغفل، وقيل إنه كان يقول ذلك على سبيل البسط والدعابة والله سبحانه أعلم.

وفيها توفى عبد الله بن محمد القزويني.

وعلى بن سليمان بن المفضل

أبو الحسن الأخفش، روى عن المبرد وثعلب واليزيدي وغيرهم، وعنه الروياني والمعافى وغيرهما.

وكان ثقة في نقله، فقيرا في ذات يده، توصل إلى أبى على بن مقلة حتى كلم فيه الوزير على بن عيسى في أن يرتب له شيئا فلم يجبه إلى ذلك، وضاق به الحال حتى كان يأكل اللفت النيء فمات فجأة من كثرة أكله في شعبان منها. وهذا هو الأخفش الصغير، والأوسط وهو سعيد بن مسعدة تلميذ سيبويه. وأما الكبير فهو أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد، من أهل هجر، وهو شيخ سيبويه وأبى عبيد وغيرهما. وقيل إن أبا بكر محمد بن السري السراج النحويّ صاحب الأصول في النحو فيها مات. قاله ابن الأثير. ومحمد بن المسيب الأرغياني.

[ثم دخلت سنة ست عشرة وثلاثمائة]

فيها عاث أبو طاهر سليمان بن أبى سعيد الجنابي القرمطى في الأرض فسادا، حاصر الرحبة فدخلها قهرا وقتل من أهلها خلقا، وطلب منه أهل قرقيسيا الأمان فأمنهم، وبعث سراياه إلى ما حولها من الأعراب فقتل منهم خلقا، حتى صار الناس إذا سمعوا بذكره يهربون من سماع اسمه، وقدر على الاعراب إمارة يحملونها إلى هجر في كل سنة، عن كل رأس ديناران. وعاث في نواحي الموصل فسادا، وفي سنجار ونواحيها، وخرب تلك الديار وقتل وسلب ونهب. فقصده مؤنس الخادم فلم يتواجها بل رجع إلى بلده هجر فابتنى بها دارا سماها دار الهجرة، ودعا إلى المهدي الّذي ببلاد المغرب بمدينة المهدية. وتفاهم أمره وكثرت أتباعه فصاروا يكبسون القرية من أرض السواد فيقتلون أهلها وينهبون أموالها، ورام في نفسه دخول الكوفة وأخذها فلم يطق ذلك. ولما رأى الوزير على

<<  <  ج: ص:  >  >>