اسمه طيفور بن عيسى بن على، أحد مشايخ الصوفية، وكان جده مجوسيا فأسلم، وكان لأبى يزيد أخوات صالحات عابدات، وهو أجلهم، قيل لأبى يزيد: بأي شيء وصلت إلى المعرفة؟ فقال ببطن جائع وبدن عار. وكان يقول: دعوت نفسي إلى طاعة الله فلم تجبني فمنعتها الماء سنة، وقال إذا رأيتم الرجل قد أعطى من الكرامات حتى يرتفع في الهواء فلا تعتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهى وحفظ الحدود والوقوف عند الشريعة. قال ابن خلكان: وله مقامات ومجاهدات مشهورة وكرامات ظاهرة. توفى سنة إحدى وستين ومائتين. قلت: وقد حكى عنه شحطات ناقصات، وقد تأولها كثير من الفقهاء والصوفية وحملوها على محامل بعيدة، وقد قال بعضهم:
إنه قال ذلك في حال الاصطلام والغيبة. ومن العلماء من بدّعه وخطّأه وجعل ذلك من أكبر البدع وأنها تدل على اعتقاد فاسد كامن في القلب ظهر في أوقاته والله أعلم.
[ثم دخلت سنة اثنتين وستين ومائتين]
فيها قدم يعقوب بن الليث في جحافل فدخل واسط قهرا فخرج الخليفة المعتمد بنفسه من سامرا لقتاله فتوسط بين بغداد وواسط فانتدب له أبو أحمد الموفق بالله أخو الخليفة، في جيش عظيم على ميمنته موسى بن بغا، وعلى ميسرته مسرور البلخي، فاقتتلوا في رجب من هذه السنة أياما قتالا عظيما، ثم كانت العلبة على يعقوب وأصحابه، وذلك يوم عيد الشعانين. فقتل منهم خلق كثير وغنم منهم أبو أحمد شيئا كثيرا من الذهب والفضة والمسك والدواب. ويقال إنهم وجدوا في جيش يعقوب هذا رايات عليها صلبان ثم انصرف المعتمد إلى المدائن ورد محمد بن طاهر إلى نيابة بغداد وأمر له بخمسمائة ألف درهم. وفيها غلب يعقوب بن الليث على بلاد فارس وهرب ابن واصل منها. وفيها كانت حروب كثيرة بين صاحب الزنج وجيش الخليفة. وفيها ولى القضاء على بن محمد بن أبى الشوارب. وفيها جمع للقاضي إسماعيل بن إسحاق قضاء جانبي بغداد. وفيها حج بالناس الفضل ابن إسحاق العباسي. قال ابن جرير: وفيها وقع بين الخياطين والخرازين بمكة فاقتتلوا يوم التروية أو قبله بيوم. فقتل منهم سبعة عشر نفسا وخاف الناس أن يفوتهم الحج بسببهم، ثم توادعوا إلى ما بعد الحج. وفيها توفى من الأعيان صالح بن على بن يعقوب بن المنصور في ربيع الآخر منها.
وعمر بن شبة النميري. ومحمد بن عاصم. ويعقوب بن شيبة صاحب المسند الحافل المشهور والله أعلم.
[ثم دخلت سنة ثلاث وستين ومائتين]
فيها جرت حروب كثيرة منتشرة في بلاد شتى فمن ذلك مقتلة عظيمة في الزنج لعنهم الله،