لأجد برده بين ثدييّ وبين كَتِفَيَّ، وَقَالَ لِي: إِنْ شِئْتَ نُصِرْتَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَفْطَرْتَ عِنْدَنَا، فَاخْتَرْتُ أَنْ أُفْطِرَ عِنْدَهُ» فَقُتِلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سعد: أَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ثَنَا وُهَيْبٌ ثَنَا دَاوُدُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّ هِلَالٍ بِنْتِ وَكِيعٍ عَنِ امْرَأَةِ عُثْمَانَ- قَالَ: وَأَحْسَبُهَا بِنْتَ الْفَرَافِصَةِ- قَالَتْ: أَغْفَى عُثْمَانُ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ قَالَ:
إِنَّ الْقَوْمَ يَقْتُلُونَنِي، قُلْتُ: كَلَّا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالُوا:
أَفْطِرْ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ، أَوْ إنك مفطر عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ الْعَسْقَلَانِيُّ ثَنَا شَبَابَةُ ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي رَاشِدٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ. وعقبة بن أسد عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ نَائِلَةَ بِنْتِ الْفَرَافِصَةِ الْكَلْبِيَّةِ- امْرَأَةِ عُثْمَانَ- قَالَتْ: لَمَّا حُصِرَ عثمان ظل اليوم الّذي كان فيه قَتْلِهِ صَائِمًا، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ إِفْطَارِهِ سَأَلَهُمُ الْمَاءَ الْعَذْبَ فَأَبَوْا عَلَيْهِ، وَقَالُوا:
دُونَكَ ذَلِكَ الرَّكِيَّ. وَرَكِيٌّ فِي الدَّارِ الَّذِي يُلْقَى فِيهِ النتن- قالت: فلم يفطر فرأيت جارا [١] على أحاجير مُتَوَاصِلَةٍ- وَذَلِكَ فِي السَّحَرِ- فَسَأَلْتُهُمُ الْمَاءَ الْعَذْبَ، فَأَعْطَوْنِي كُوزًا مِنْ مَاءٍ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ:
هَذَا مَاءٌ عَذْبٌ أَتَيْتُكَ بِهِ، قَالَتْ: فَنَظَرَ فَإِذَا الْفَجْرُ قَدْ طَلَعَ فَقَالَ: إِنِّي أَصْبَحْتُ صَائِمًا، قالت: فقلت ومن أين اكلت؟ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا أَتَاكَ بِطَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ؟ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطَّلَعَ عَلَيَّ مِنْ هَذَا السَّقْفِ وَمَعَهُ دَلْوٌ مِنْ مَاءٍ فَقَالَ: اشْرَبْ يَا عُثْمَانُ، فَشَرِبْتُ حَتَّى رَوِيتُ، ثُمَّ قَالَ: ازْدَدْ فَشَرِبْتُ حَتَّى نَهِلْتُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنَّ القوم سينكرون عَلَيْكَ، فَإِنْ قَاتَلْتَهُمْ ظَفِرْتَ، وَإِنْ تَرَكْتَهُمْ أَفْطَرْتَ عِنْدَنَا، قَالَتْ: فَدَخَلُوا عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِهِ فَقَتَلُوهُ.
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُسْلِمٍ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ عُثْمَانَ أَعْتَقَ عِشْرِينَ مَمْلُوكًا وَدَعَا بِسَرَاوِيلَ فَشَدَّهَا وَلَمْ يَلْبَسْهَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ، وَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَإِنَّهُمْ قَالُوا لِي: اصْبِرْ فَإِنَّكَ تُفْطِرُ عِنْدَنَا الْقَابِلَةَ، ثُمَّ دَعَا بِمُصْحَفٍ فَنَشَرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُتِلَ وَهُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ. قُلْتُ: إِنَّمَا لَبِسَ السَّرَاوِيلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ لِئَلَّا تَبْدُوَ عَوْرَتَهُ إِذَا قُتِلَ فإنه كان شديد الحياء، كانت تستحي منه ملائكة السماء، كَمَا نَطَقَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْمُصْحَفَ يَتْلُو فِيهِ، وَاسْتَسْلَمَ لِقَضَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَفَّ يَدَهُ عَنِ الْقِتَالِ، وَأَمَرَ النَّاسَ وَعَزَمَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُقَاتِلُوا دُونَهُ، وَلَوْلَا عَزِيمَتُهُ عَلَيْهِمْ لَنَصَرُوهُ مِنْ أَعْدَائِهِ، وَلَكِنْ كَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: إِنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْصَى إِلَى الزُّبَيْرِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ فَتَّشُوا خزانته فوجدوا فيها صندوقا مقفلا ففتحوه
[١] بياض بأصل المصرية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute