المرتدين، ولله الحمد والمنة، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وغنموا مغانم كثيرة، فيتقوون بذلك على من هنالك، ويبعثون بأخماس ما يغنمون إلى الصديق فينفقه في الناس فيحصل لهم قوة أيضا ويستعدون به على قتال من يريدون قتالهم من الأعاجم والروم، على ما سيأتي تفصيله * ولم يزل الأمر كذلك حتى لم يبق بجزيرة العرب إلا أهل طاعة لله ولرسوله، وأهل ذمة من الصديق، كأهل نجران وما جرى مجراهم، ولله الحمد، وعامة ما وقع من هذه الحروب كان في أواخر سنة إحدى عشرة وأوائل سنة ثنتى عشرة * ولنذكر بعد إيراد هذه الحوادث من توفى في هذه السنة من الأعيان والمشاهير وبالله المستعان، وفيها رجع معاذ بن جبل من اليمن. وفيها استبقى أبو بكر الصديق عمر بن الخطاب ﵄.
[ذكر من توفى في هذه السنة]
أعنى سنة إحدى عشرة من الأعيان والمشاهير وذكرنا معهم من قتل باليمامة لأنها كانت في سنة إحدى عشرة على قول بعضهم، وإن كان المشهور أنها في ربيع سنة ثنتى عشرة * توفى فيها رسول الله ﷺ محمد بن عبد الله سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، وذلك في ربيعها الأول يوم الاثنين ثانى عشره على المشهور، كما قدمنا بيانه، وبعده بستة أشهر على الأشهر، توفيت ابنته فاطمة ﵂، وتكنى بأم أبيها، وقد كان صلوات الله وسلامه عليه عهد إليها أنها أول أهله لحوقا به، وقال لها مع ذلك: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة؟ وكانت أصغر بنات النبي ﷺ على المشهور ولم يبق بعده سواها، فلهذا عظم أجرها لأنها أصيبت به ﵇ ويقال إنها كانت توأما لعبد الله ابن رسول الله ﷺ وليس له ﵇ نسل إلا من جهتها، قال الزبير ابن بكار: وقد روى أنه ﵇ ليلة زفاف عليّ على فاطمة توضأ وصب عليه وعلى فاطمة ودعا لهما أن يبارك في نسلهما، وقد تزوجها ابن عمها على بن أبى طالب بعد الهجرة، وذلك بعد بدر وقيل بعد أحد، وقيل بعد تزويج رسول الله ﷺ عائشة بأربعة أشهر ونصف، وبنى بها بعد ذلك بسبعة أشهر ونصف، فأصدقها درعه الحطمية وقيمتها أربعمائة درهم، وكان عمرها إذ ذاك خمس عشرة سنة وخمسة أشهر، وكان على أسن منها بست سنين. وقد وردت أحاديث موضوعة في تزويج على بفاطمة لم نذكرها رغبة عنها * فولدت له حسنا وحسينا ومحسنا وأم كلثوم - التي تزوج بها عمر بن الخطاب بعد ذلك -
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، أنا عطاء بن السائب عن أبيه عن على أن رسول الله لما زوجه فاطمة بعث معها بخميلة ووسادة من أدم حشوها ليف، ورحى وسقاء وجرتين، فقال على لفاطمة ذات يوم: والله لقد سنوت حتى لقد اشتكيت صدري، وقد جاء الله أباك بسبي فاذهبي فاستخدميه، فقالت: وأنا والله لقد طحنت حتى محلت يداي، فأتت النبي ﷺ فقال: ما جاء بك