فضرب بها غلصمته فسقط ميتا، وقال لآخر منهم: ألق نفسك من هذا الموضع، فرمى نفسه من رأس القلعة إلى أسفل خندقها فتقطع. ثم قال لرسول السلطان هذا الجواب. فمنها امتنع السلطان من مراسلته. هكذا ذكره ابن الجوزي، وسيأتي ما جرى للسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب فاتح بيت المقدس وما جرى له مع سنان صاحب الإيوان مثل هذا إن شاء الله تعالى.
[وفي شهر رمضان أمر الخليفة المستظهر بالله بفتح جامع القصر وأن لا يبيض وأن يصلى فيه التراويح وأن يجهر بالبسملة، وأن يمنع النساء من الخروج ليلا للفرجة. وفي أول هذه السنة دخل السلطان بركيارق إلى بغداد فخطب له بها ثم لحقه أخواه محمد وسنجر فدخلاها وهو مريض فعبرا في الجانب الغربي فقطعت خطبته وخطب لهما بها، وهرب بركيارق إلى واسط، ونهب جيشه ما اجتازوا به من البلاد والأراضي، فنهاه بعض العلماء عن ذلك ووعظه فلم يفد شيئا. وفي هذه السنة ملكت الفرنج قلاعا كثيرة منها: قيسارية وسروج، وسار ملك الفرنج كندر - وهو الّذي أخذ بيت المقدس - إلى عكا فحاصرها فجاءه سهم في عنقه فمات من فوره لعنه الله.
[وممن توفى فيها من الأعيان]
[أحمد بن محمد]
ابن عبد الواحد بن الصباح، أبو منصور، سمع الحديث وتفقه على القاضي أبى الطيب الطبري ثم على ابن عمه أبى نصر بن الصباح، وكان فقيها فاضلا كثير الصلاة يصوم الدهر، وقد ولى القضاء بربع الكرخ والحسبة بالجانب الغربي.
[عبد الله بن الحسن]
ابن أبى منصور أبو محمد الطبسي، رحل إلى الآفاق وجمع وصنف، وكان أحد الحفاظ المكثرين ثقة صدوقا عالما بالحديث ورعا حسن الخلق.
[عبد الرحمن بن أحمد]
ابن محمد أبو محمد الرزاز السرخسي، نزل مرو وسمع الحديث وأملى ورحل إليه العلماء، وكان حافظا لمذهب الشافعيّ متدينا ورعا، ﵀.
[عزيز بن عبد الملك]
منصور أبو المعالي الجيلي القاضي الملقب سيد له، كان شافعيا في الفروع أشعريا في الأصول، وكان حاكما بباب الأزج، وكان بينه وبين أهل باب الأزج من الحنابلة شنئان كبير، سمع رجلا ينادى على حمار له ضائع فقال: يدخل باب الأزج ويأخذ بيد من شاء. وقال يوما للنقيب طراد الزينبي: لو حلف إنسان أنه لا يرى إنسانا فرأى أهل باب الأزج لم يحنث. فقال له الشريف:
من عاشر قوما أربعين يوما فهو منهم. ولهذا لما مات فرحوا بموته كثيرا.