للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسألت أبى أين كان النبي ؟ قال بغزوة تبوك بالشام، ومات معاوية بالمدينة، ورفع له سريره حتى نظر اليه وصلى عليه: وهذا أيضا منكر من هذا الوجه.

[قدوم رسول قيصر إلى رسول الله بتبوك]

قال الامام احمد حدثنا إسحاق بن عيسى حدثنا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن سعيد بن أبى راشد قال لقيت (١) التنوخي رسول هرقل إلى رسول الله بحمص (٢) وكان جارا لي شيخا كبيرا قد بلغ العقد أو قرب، فقلت ألا تخبرني عن رسالة هرقل إلى رسول الله ورسالة رسول الله إلى هرقل؟ قال بلى: قدم رسول الله تبوك فبعث دحية الكلبي إلى هرقل فلما أن جاءه كتاب رسول الله دعا قسيسى الروم وبطارقتها ثم أغلق عليه وعليهم الدار فقال:

قد نزل هذا الرجل حيث رأيتم؟ وقد أرسل إلى يدعوني إلى ثلاث خصال، يدعوني أن أتبعه على دينه، أو على أن نعطيه ما لنا على أرضنا والأرض أرضنا، أو نلقى اليه الحرب. والله لقد عرفتم فيما تقرءون من الكتب لتأخذن (٣) فهلم فلنتبعه على دينه أو نعطيه ما لنا على أرضنا، فنخروا نخرة رجل واحد حتى خرجوا من برانسهم وقالوا تدعونا إلى أن نذر النصرانية أو نكون عبيدا لأعرابي جاء من الحجاز. فلما ظن أنهم إن خرجوا من عنده أفسدوا عليه الروم رقأهم (٤) ولم يكد وقال: إنما قلت ذلك لأعلم صلابتكم على أمركم ثم دعا رجلا من عرب تجيب كان على نصارى العرب قال ادع لي رجلا حافظا للحديث عربي اللسان أبعثه إلى هذا الرجل بجواب كتابه، فجاء بى فدفع الى هرقل كتابا فقال اذهب بكتابي الى هذا الرجل، فما سمعت من حديثه فاحفظ لي منه ثلاث خصال، انظر هل يذكر صحيفته الىّ التي كتب بشيء، وانظر إذا قرأ كتابي فهل يذكر الليل، وانظر في ظهره هل به شيء يريبك.

قال فانطلقت بكتابه حتى جئت تبوكا فإذا هو جالس بين ظهراني أصحابه محتبيا على الماء، فقلت أين صاحبكم؟ قيل ها هو ذا، فأقبلت أمشى حتى جلست بين يديه فناولته كتابي فوضعه في حجره ثم قال «ممن أنت» فقلت أنا أخو تنوخ قال «هل لك الى الإسلام الحنيفية ملة أبيكم إبراهيم؟» قلت إني رسول قوم وعلى دين قوم لا أرجع عنه حتى ارجع اليهم، فضحك وقال «إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ،﴾ يا أخا تنوخ إني كتبت بكتاب الى كسرى والله ممزقه وممزق ملكه وكتبت الى النجاشي بصحيفة فخرقها والله مخرقه ومخرق (٥) ملكه


(١) كذا بالمصرية والتيمورية وفي الحلبية: رأيت.
(٢) كذا في المصرية والتيمورية وفي الحلبية بمصر.
(٣) كذا بالأصلين وفي التيمورية: لنا خدن، ولعلها لتؤخذنّ.
(٤) في النهاية: رقأ الدمع سكن، ورفأ بالفاء التأم وقرب.
(٥) في التيمورية: فحرقها فحرق ملكه.

<<  <  ج: ص:  >  >>