من الحجبة والأمراء لتوديعه. وفي أوائل ذي الحجة ورد كتاب من نائب السلطنة بخطه إلى قاضى القضاة تاج الدين الشافعيّ يستدعيه إلى القدس الشريف، وزيارة قبر الخليل، ويذكر فيه ما عامله به السلطان من الإحسان والاكرام والاحترام والإطلاق والانعام من الخيل والتحف والمال والغلات فتوجه نحوه قاضى القضاة يوم الجمعة بعد الصلاة رابعه على ستة من خيل البريد، ومعه تحف وما يناسب من الهدايا، وعاد عشية يوم الجمعة ثامن عشره إلى بستانه.
ووقع في هذا الشهر والّذي قبله سيول كثيرة جدا في أماكن متعددة، من ذلك ما شاهدنا آثاره في مدينة بعلبكّ، أتلف شيئا كثيرا من الأشجار، واخترق أماكن كثيرة متعددة عندهم، وبقي آثار سيحه على أماكن كثيرة، ومن ذلك سيل وقع بأرض جعلوص أتلف شيئا كثيرا جدا، وغرق فيه قاضى تلك الناحية، ومعه بعض الأخيار، كانوا وقوفا على أكمة فدهمهم أمر عظيم، ولم يستطيعوا دفعه ولا منعه، فهلكوا. ومن ذلك سيل وقع بناحية حسة جمال فهلك به شيء كثير من الأشجار والأغنام والأعناب وغيرها. ومن ذلك سيل بأرض حلب هلك به خلق كثير من التركمان وغيرهم، رجالا ونساء وأطفالا وغنما وإبلا. قرأته من كتاب من شاهد ذلك عيانا، وذكر أنه سقط عليهم برد وزنت الواحدة منه فبلغت زنتها سبعمائة درهم وفيه ما هو أكبر من ذلك وأصغر، انتهى.
«وذلك محرم بالإجماع حسب ما حكاه ابن حازم وإنما ذكره بعض الفقهاء بالكراهية» ورد كتاب من السلطان أيده الله إلى دمشق في يوم الثلاثاء خامس عشر ذي الحجة، بإلزامهم بزي المسلمين وترك زي الأعاجم والمجوس، فلا يمكن أحد منهم من الدخول إلى بلاد السلطان حتى يترك هذا الزي المبتدع، واللباس المستشنع، ومن لا يلتزم بذلك يعزر شرعا، ويقلع من قراره قلعا، وكان اللائق أن يؤمروا بترك أكل الحشيشة الخسيسة، وإقامة الحد عليهم بأكلها وسكرها، كما أفتى بذلك بعض الفقهاء. والمقصود أنهم نودي عليهم بذلك في جميع أرجاء البلد ونواحيه في صبيحة يوم الأربعاء ولله الحمد والمنة.
وبلغنا في هذا الشهر وفاة الشيخ الصالح الشيخ أحمد بن موسى الزرعى بمدينة جبراص يوم الثلاثاء خامس ذي الحجة، وكان من المبتلين بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والقيام في مصالح الناس عند السلطان والدولة، وله وجاهة عند الخاص والعام، ﵀. والأمير سيف الدين كحلن بن الاقوس، الّذي كان حاجبا بدمشق وأميرا، ثم عزل عن ذلك كله، ونفاه السلطان إلى طرابلس فمات هناك.
وقدم نائب السلطنة الأمير سيف الدين بيدمر عائدا من الديار المصرية، وقد لقي من السلطان