الآخرة
[هبة الله بن الحسن]
أبو الحسين المعروف بالحاجب، كان من أهل الفضل والأدب والدين، وله شعر حسن، فمنه قوله:
يا ليلة سلك الزمان … في طيبها كل مسلك
إذ ترتقى روحي المسرة … مدركا ما ليس يدرك
والبدر قد فضح الزمان … وسرّه فيه مهتّك
وكأنما زهر النجوم … بلمعها شعل تحرك
والغيب أحيانا يلو … ح كأنه ثوب ممسك
وكأن تجعيد الرياح … لدجلة ثوب مفرّك
وكان نشر المسك … ينفح في النسيم إذا تحرك
وكأنما المنثور مصفر … الذرى ذهب مسبّك
والنور يبسم في الرياض … فان نظرت إليه سرك
شارطت نفسي أن أقو … م بحقها والشرط أملك
حتى تولى الليل منهزما … وجاء الصبح يضحك
وذا الفتى لو أنه … في طيب العيش يترك
والدهر يحسب عمره … فإذا أتاه الشيب فذلك
[أبو على بن سينا]
الطبيب الفيلسوف، الحسن بن عبد الله بن سينا الرئيس، كان بارعا في الطب في زمانه، كان أبوه من أهل بلخ، وانتقل إلى بخارى، واشتغل بها فقرأ القرآن وأتقنه، وهو ابن عشر سنين، وأتقن الحساب والجبر والمقابلة وإقليدس والمجسطي، ثم اشتغل على أبى عبد الله الناتلى الحكيم، فبرع فيه وفاق أهل زمانه في ذلك، وتردد الناس إليه واشتغلوا عليه، وهو ابن ست عشرة سنة، وعالج بعض الملوك السامانية، وهو الأمير نوح بن نصر، فأعطاه جائزة سنية، وحكمه في خزانة كتبه، فرأى فيها من العجائب والمحاسن ما لا يوجد في غيرها، فيقال إنه عزا بعض تلك الكتب إلى نفسه، وله في الإلهيات والطبيعات كتب كثيرة، قال ابن خلكان: له نحو من مائة مصنف، صغار وكبار، منها القانون، والشفا، والنجاة، والإشارات، وسلامان، وإنسان، وحي بن يقظان، وغير ذلك. قال وكان من فلاسفة الإسلام، أورد له من الأشعار قصيدته في نفسه التي يقول فيها:
هبطت إليك من المقام الأرفع … ورقاء ذات تعزز وتمنع
محجوبة عن كل مقلة عارف … وهي التي سفرت ولم تتبرقع