يزالوا يزيدون عشرا عشرا ويخرج القدح على عبد الله حتى بلغت الإبل مائة. ثم ضربوا فخرج القدح على الإبل فقالت عند ذلك قريش لعبد المطلب وهو قائم عند هبل يدعو الله قد انتهى رضى ربك يا عبد المطلب. فعندها زعموا انه قال لا حتى اضرب عليها بالقداح ثلاث مرات فضربوا ثلاثا ويقع القدح فيها على الإبل فنحرت ثم تركت لا يصد عنها إنسان ولا يمنع. قال ابن هشام ويقال ولا سبع.
وقد روى انه لما بلغت الإبل مائة خرج على عبد الله أيضا فزادوا مائة أخرى حتى بلغت مائتين فخرج القدح على عبد الله فزادوا مائة أخرى فصارت الإبل ثلاثمائة. ثم ضربوا فخرج القدح على الإبل فنحرها عند ذلك عبد المطلب والصحيح الأول والله أعلم. وقد روى ابن جرير عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن يونس بن يزيد عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب أن ابن عباس سألته امرأة أنها نذرت ذبح ولدها عند الكعبة فأمرها بذبح مائة من الإبل وذكر لها هذه القصة عن عبد المطلب.
وسألت عبد الله بن عمر فلم يفتها بشيء بل توقف. فبلغ ذلك مروان بن الحكم وهو أمير على المدينة فقال انهما لم يصيبا الفتيا ثم امر المرأة أن تعمل ما استطاعت من خير ونهاها عن ذبح ولدها ولم يأمرها بذبح الإبل، وأخذ الناس بقول مروان بذلك والله أعلم.
[ذكر تزويج عبد المطلب ابنه عبد الله من آمنة بنت وهب الزهرية]
قال ابن إسحاق: ثم انصرف عبد المطلب آخذا بيد ابنه عبد الله فمر به - فيما يزعمون - على امرأة من بنى أسد بن عبد العزى بن قصي وهي أم قتال أخت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهي عند الكعبة فنظرت إلى وجهه فقالت أين تذهب يا عبد الله؟ قال مع أبى قالت لك مثل الإبل التي نحرت عنك وقع على الآن. قال أنا مع أبى ولا أستطيع خلافه ولا فراقه. فخرج به عبد المطلب حتى أتى وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر وهو يومئذ سيد بنى زهرة سنا وشرفا فزوجه ابنته آمنة بنت وهب وهي يومئذ سيدة نساء قومها فزعموا أنه دخل عليها حين أملكها مكانه فوقع عليها فحملت منه برسول الله ﷺ ثم خرج من عندها فأتى المرأة التي عرضت عليه ما عرضت فقال لها مالك لا تعرضين على اليوم ما كنت عرضت بالأمس؟ قالت له فارقك النور الّذي كان معك بالأمس فليس لي بك حاجة. وكانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل - وكان قد تنصر واتبع الكتب - أنه كائن في هذه الأمة نبي فطمعت أن يكون منها فجعله الله تعالى في أشرف عنصر وأكرم محتد وأطيب أصل كما قال تعالى ﴿اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ﴾ وسنذكر المولد مفصلا ومما قالت أم قتال بنت نوفل من الشعر تتأسف على ما فاتها من الأمر الّذي رامته وذلك فيما رواه