للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفضيل الخليفة على الرسول، وهذا كفر إلا أن يريد بكلامه غير ما يبدو منه والله أعلم.

[والّذي يظهر أن هذا لا يصح عنه، فإنه كان قائما في إطفاء الضلال والبدع كما قدمنا من قتله للجعد ابن درهم وغيره من أهل الإلحاد، وقد نسب إليه صاحب العقد أشياء لا تصح، لأن صاحب العقد كان فيه تشيع شنيع ومغالاة في أهل البيت، وربما لا يفهم أحد من كلامه ما فيه من التشيع، وقد اغتر به شيخنا الذهبي فمدحه بالحفظ وغيره] (١).

وقد ذكر ابن جرير وابن عساكر وغيرهما أن الوليد بن يزيد كان قد عزم على الحج في إمارته فمن نيته أن يشرب الخمر على ظهر الكعبة، فلما بلغ ذلك جماعة من الأمراء اجتمعوا على قتله وتولية غيره من الجماعة، فحذر خالد أمير المؤمنين منهم، فسأله أن يسميهم فأبى عليه فعاقبه عقابا شديدا، ثم بعث به إلى يوسف بن عمر فعاقبه حتى مات شر قتلة وأسوئها، وذلك في محرم من هذه السنة - أعنى سنة ست وعشرين ومائة - وذكره القاضي ابن خلكان في الوفيات وقال: كان متهما في دينه، وقد بنى لأمه كنيسة في داره، قال فيه بعض الشعراء وقال صاحب الأعيان كان في نسبه يهود فانتموا إلى القرب، وكان يقرب [من] شق وسطيح. قال القاضي ابن خلكان: وقد كانا ابني خالة، وعاش كل منهما ستمائة، وولدا في يوم واحد، وذلك يوم ماتت طريفة بنت الحر بعد ما تفلت في فم كل منهما وقالت: إنه سيقوم مقامي في الكهانة، ثم ماتت من يومها.

وممن توفى في هذه السنة جبلة بن سحيم ودراج أبو السمح وسعيد بن مسروق في قول، وسليمان ابن حبيب المحاربي، قاضى دمشق، وعبد الرحمن بن قاسم شيخ مالك وعبيد الله بن أبى يزيد وعمرو بن دينار. وقد ذكرنا تراجمهم في كتابنا التكميل.

[ثم دخلت سنة سبع وعشرين ومائة]

استهلت هذه السنة والخليفة إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بوصية أخيه يزيد الناقص إليه، وبايعه الأمراء بذلك، وجميع أهل الشام إلا أهل حمص فلم يبايعوه، وقد تقدم أن مروان بن محمد الملقب بالحمار كان نائبا بأذربيجان وأرمينية، وتلك كانت لأبيه من قبله، وكان نقم على يزيد بن الوليد في قتله الوليد بن يزيد، وأقبل في طلب دم الوليد، فلما انتهى إلى حران أناب وبايع يزيد بن الوليد، فلم يلبث إلا قليلا حتى بلغه موته، فأقبل في أهل الجزيرة حتى وصل قنسرين فحاصر أهلها فنزلوا على طاعته، ثم أقبل إلى حمص وعليها عبد العزيز بن الحجاج من جهة أمير المؤمنين إبراهيم بن الوليد فحاصرهم حتى يبايعوا لإبراهيم بن الوليد، وقد أصروا على عدم مبايعته، فلما بلغ عبد العزيز قرب مروان بن محمد ترحل عنها، وقدم مروان إليها فبايعوه وساروا معه قاصدين دمشق، ومعهم جند


(١) وجدت هذه العبارة في نسخة ثانية بالاستانة.

<<  <  ج: ص:  >  >>