عبد الله بن الحسن بن أحمد بن أبى شعيب واسم أبى شعيب عبد الله بن مسلم أبو شعيب الأموي الحراني المؤدب المحدث ابن المحدث. ولد سنة ست وثمانين ومائتين، سمع أباه وجده وعفان بن مسلم وأبا خيثمة، كان صدوقا ثقة مأمونا. توفى في ذي الحجة منها على بن أحمد المكتفي بالله تقدم ذكره. أبو جعفر الترمذي محمد بن محمد بن نصر أبو جعفر الترمذي الفقيه الشافعيّ، كان من أهل العلم والزهد، ووثقه الدار قطنى، كان مأمونا ناسكا، وقال القاضي أحمد ابن كامل: لم يكن لأصحاب الشافعيّ بالعراق أرأس منه، ولا أورع: كان متقللا في المطعم على حالة عظيمة فقرا وورعا وصبرا، وكان ينفق في كل شهر أربعة دراهم، وكان لا يسأل أحدا شيئا، وكان قد اختلط في آخر عمره. توفى المحرم منها.
[ثم دخلت سنة ست وتسعين ومائتين]
في ربيع الأول منها اجتمع جماعة من القواد والجند والأمراء على خلع المقتدر وتولية عبد الله ابن المعتز الخلافة، فأجابهم على أنه لا يسفك بسببه دم، وكان المقتدر قد خرج يلعب بالصولجان فقصد إليه الحسن بن حمدان يريد أن يفتك به، فلما سمع المقتدر الصيحة بادر إلى دار الخلافة فأغلقها دون الجيش، واجتمع الأمراء والأعيان والقضاة في دار المخرمي فبايعوا عبد الله بن المعتز وخوطب بالخلافة، ولقب بالمرتضى بالله. وقال الصولي: إنما لقبوه المنتصف بالله، واستوزر أبا عبيد الله محمد بن داود وبعث إلى المقتدر يأمره بالتحول من دار الخلافة إلى دار ابن طاهر لينتقل إليها، فأجابه بالسمع والطاعة، فركب الحسن بن حمدان من الغد إلى دار الخلافة ليتسلمها فقاتله الخدم ومن فيها، ولم يسلموها إليه، وهزموه فلم يقدر على تخليص أهله وماله إلا بالجهد. ثم ارتحل من فوره إلى الموصل وتفرق نظام ابن المعتز وجماعته، فأراد ابن المعتز أن يتحول إلى سامرا لينزلها فلم يتبعه أحد من الأمراء، فدخل دار ابن الجصاص فاستجار به فأجاره، ووقع النهب في البلد واختبط الناس وبعث المقتدر إلى أصحاب ابن المعتز فقبض عليهم وقتل أكثرهم وأعاد ابن الفرات إلى الوزارة فجدد البيعة إلى المقتدر وأرسل إلى دار ابن الجصاص فتسلمها وأحضر ابن المعتز وابن الجصاص فصادر ابن الجصاص بمال جزيل جدا، نحو ستة عشر ألف ألف درهم، ثم أطلقه واعتقل ابن المعتز، فلما دخل في ربيع الآخر ليلتان ظهر للناس موته وأخرجت جثته فسلمت إلى أهله فدفن، وصفح المقتدر عن بقية من سعى في هذه الفتنة حتى لا تفسد نيات الناس.
قال ابن الجوزي: ولا يعرف خليفة خلع ثم أعيد إلا الأمين والمقتدر. وفي يوم السبت لأربع بقين من ربيع الأول سقط ببغداد ثلج عظيم حتى اجتمع على الأسطحة منه نحو من أربعة أصابع وهذا غريب في بغداد جدا، ولم تخرج السنة، حتى خرج الناس يستسقون لأجل تأخر المطر عن إبانه.