قوله «وَيُؤْمِنُونَ بِهِ» وكذلك الجان «وَأَنّا لَمّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنّا بِهِ»«وَأَنّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ» قلت وأحسن ما يستدل به في هذه المسألة ما رواه عثمان بن سعيد الدارميّ عن عبد الله بن عمرو مرفوعا وهو أصح قال لما خلق الله الجنة قالت الملائكة يا ربنا اجعل لنا هذه نأكل منها ونشرب فإنك خلقت الدنيا لبني آدم فقال الله لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان *
[باب ذكر خلق الجان وقصة الشيطان]
قال الله تعالى ﴿خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ وقال تعالى ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ﴾ وقال ابن عباس وعكرمة ومجاهد والحسن وغير واحد ﴿مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ﴾ قالوا من طرف اللهب وفي رواية من خالصة وأحسنه * وقد ذكرنا آنفا
من طريق الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله ﷺ خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من نار وخلق آدم مما وصف لكم رواه مسلم * قال كثير من علماء التفسير خلقت الجن قبل آدم ﵇ وكان قبلهم في الأرض الحن والبن فسلط الله الجن عليهم فقتلوهم وأجلوهم عنها وأبادوهم منها وسكنوها بعدهم. وذكر السدي في تفسيره عن أبى مالك عن أبى صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله ﷺ لما فرغ الله من خلق ما أحب استوى على العرش فجعل إبليس على ملك الدنيا وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم الجن وانما سموا الجن لانهم خزان الجنة. وكان إبليس مع ملكه خازنا فوقع في صدره انما أعطانى الله هذا لمزية لي على الملائكة. وذكر الضحاك عن ابن عباس أن الجن لما أفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء بعث الله اليهم إبليس ومعه جند من الملائكة فقتلوهم وأجلوهم عن الأرض الى جزائر البحور * وقال محمد بن إسحاق عن خلاد عن عطاء عن طاوس عن ابن عباس كان اسم إبليس قبل أن يرتكب المعصية عزازيل. وكان من سكان الأرض ومن أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما وكان من حي يقال لهم الجن * وروى ابن أبى حاتم عن سعيد بن جبير عنه كان اسمه عزازيل وكان من أشرف الملائكة من أولى الاجنحة الأربعة * وقد أسند عن حجاج عن ابن جريج قال ابن عباس كان إبليس من أشرف الملائكة وأكرمهم قبيلة * وكان خازنا على الجنان وكان له سلطان سماء الدنيا. وكان له سلطان الأرض * وقال صالح مولى التوأمة عن ابن عباس كان يسوس ما بين السماء والأرض رواه ابن جرير وقال قتادة عن سعيد بن المسيب كان إبليس رئيس ملائكة سماء الدنيا * وقال الحسن البصري لم يكن من الملائكة طرفة عين وانه لأصل الجن كما أن آدم أصل البشر * وقال شهر ابن حوشب وغيره كان إبليس من الجن الذين طردوهم الملائكة فأسره بعضهم وذهب به الى السماء. رواه ابن جرير * قالوا فلما