فآليت لا تنفك نفسي حزينة … عليك ولا ينفك جلدي أغبرا
فلله عينا من رأى مثله فتى … أكرّ وأحمى في الهياج وأصبرا
ثم لم تنشب أن انقضت عدتها فخطبها أبو بكر الصديق ﵁ فتزوجها فأولم وجاء الناس للوليمة فكان فيهم على بن أبى طالب،
فلما ذهب الناس استأذن على أبا بكر ﵄ في أن يكلم أسماء من وراء الستر فأذن له، فلما اقترب من الستر نفحة ريح طيبها فقال لها على: - على وجه البسط - من القائلة في شعرها:
فآليت لا تنفك نفسي حزينة … عليك ولا ينفك جلدي أغبرا؟
قالت دعنا منك يا أبا الحسن فإنك امرؤ فيك دعابة، فولدت للصديق محمد بن أبى بكر، ولدته بالشجرة بين مكة والمدينة ورسول الله ﷺ ذاهب الى حجة الوداع، فأمرها أن تغتسل وتهل وسيأتي في موضعه، ثم لما توفى الصديق تزوجها بعده على بن أبى طالب وولدت له أولادا ﵁ وعنها وعنهم أجمعين.
[فصل]
قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال: فلما دنوا من المدينة تلقاهم رسول الله ﷺ والمسلمون، قال ولقيهم الصبيان يشتدون ورسول الله ﷺ مقبل مع القوم على دابة، فقال «خذوا الصبيان فاحملوهم واعطونى ابن جعفر» فأتى بعبد الله بن جعفر فحمله بين يديه، قال وجعل الناس يحثون على الجيش التراب ويقولون يا فرار فررتم في سبيل الله! قال فيقول رسول الله ﷺ«ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله» وهذا مرسل. وقد
قال الامام أحمد ثنا أبو معاوية ثنا عاصم عن مؤرق العجليّ عن عبد الله بن جعفر قال كان رسول الله ﷺ إذا قدم من سفر تلقى الصبيان من أهل بيته، وأنه قدم من سفر فسبق بى اليه، قال فحملني بين يديه ثم قال «جيء بأحد بنى فاطمة» إما حسن وإما حسين، فاردفه خلفه فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة. وقد رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث عاصم الأحول عن مؤرق به.
وقال الامام أحمد ثنا روح حدثنا ابن جريج ثنا خالد بن سارة أن أباه أخبره أن عبد الله بن جعفر قال: لو رأيتني وقثما وعبيد الله ابني العباس ونحن صبيان نلعب إذ مر النبي ﷺ على دابة فقال «ارفعوا هذا الى» فحملني أمامه وقال لقثم «ارفعوا هذا الى» فجعله وراءه، وكان عبيد الله أحب الى عباس من قثم فما استحى من عمه أن حمل قثما وتركه قال، ثم مسح على رأسه ثلاثا وقال كلما مسح «اللهمّ اخلف جعفرا في ولده» قال