للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأميركم عبد الله بن رواحة» فلقوا العدو فأخذ الراية زيد فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية جعفر فقاتل حتى قتل، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل ثم أخذ الراية خالد بن الوليد ففتح الله عليه وأتى خبرهم النبي فخرج الى الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال: «إن إخوانكم لقوا العدو، وإن زيدا أخذ الراية فقاتل حتى قتل أو استشهد ثم أخذ الراية بعده جعفر بن أبى طالب فقاتل حتى قتل أو استشهد، ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل أو استشهد، ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد بن الوليد ففتح الله عليه» قال ثم أمهل آل جعفر ثلاثا أن يأتهم، ثم أتاهم فقال «لا تبكوا على أخى بعد اليوم، أدعوا لي بنى أخى» قال فجيء بنا كأننا أفرخ، فقال «ادعوا لي الحلاق» فجيء بالحلاق فحلق رءوسنا، ثم قال «أما محمد فشبيه عمنا أبى طالب، وأما عبد الله فشبيه خلقي وخلقي» ثم أخذ بيدي فأشالها وقال «اللهمّ اخلف جعفرا في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه» قالها ثلاث مرات. قال فجاءت أمنا فذكرت له يتمنا وجعلت تفرح (١) له فقال «العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة؟» ورواه أبو داود ببعضه، والنسائي في السير بتمامه من حديث وهب بن جرير به، وهذا يقتضي أنه أرخص لهم في البكاء ثلاثة أيام ثم نهاهم عنه بعدها، ولعله معنى الحديث الّذي

رواه الإمام أحمد من حديث الحكم بن عبد الله بن شداد عن أسماء أن رسول الله قال لها لما أصيب جعفر «تسلبى ثلاثا ثم اصنعي ما شئت» تفرد به أحمد فيحتمل أنه أذن لها في التسلب وهو المبالغة في البكاء وشق الثياب، ويكون هذا من باب التخصيص لها بهذا لشدة حزنها على جعفر أبى أولادها وقد يحتمل أن يكون أمرا لها بالتسلب وهو المبالغة في الإحداد ثلاثة أيام، ثم تصنع بعد ذلك ما شاءت مما يفعله المعتدات على أزواجهن من الإحداد المعتاد والله أعلم. ويروى تسلى ثلاثا - أي تصبرى ثلاثا - وهذا بخلاف الرواية الأخرى والله أعلم. فاما الحديث الّذي قال الامام أحمد حدثنا يزيد ثنا محمد بن طلحة ثنا الحكم بن عيينة عن عبد الله بن شداد عن أسماء بنت عميس قالت دخل رسول الله اليوم الثالث من قتل جعفر فقال لا تحدى بعد يومك هذا. فإنه من أفراد احمد أيضا وإسناده لا بأس به ولكنه مشكل إن حمل على ظاهره لانه قد ثبت

في الصحيحين أن رسول الله قال «لا يحل لا مرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميتها أكثر من ثلاثة أيام الا على زوج أربعة أشهر وعشرا» فان كان ما رواه الإمام احمد محفوظا فتكون مخصوصة بذلك أو هو أمر بالمبالغة في الإحداد هذه الثلاثة أيام كما تقدم والله أعلم.


(١) في النهاية تفسيرا لهذا الخبر: فهو من أفرحه إذا غمه وأزال عنه الفرح (ثم قال) وان كان بالجيم فهو من المفرج الّذي لا عشيرة له حتى قال لها النبي أتخافين العيلة وأنا وليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>