للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهذا الباب والله أعلم * وأما الاخبار الإسرائيلية فيما يذكره كثير من المفسرين والمؤرخين فكثيرة جدا ومنها ما هو صحيح موافق لما وقع وكثير منها بل أكثرها مما يذكره القصاص مكذوب مفترى وضعه زنادقتهم وضلالهم وهي ثلاثة أقسام منها ما هو صحيح لموافقته ما قصه الله في كتابه أو أخبر به رسول الله ومنها ما هو معلوم البطلان لمخالفته كتاب الله وسنة رسوله ومنها ما يحتمل الصدق والكذب فهذا الّذي أمرنا بالتوقف فيه فلا نصدقه ولا نكذبه كما ثبت في الصحيح إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وانزل إليكم. وتجوز روايته مع هذا الحديث المتقدم (وحدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج)

[ذكر تحريف أهل الكتاب وتبديلهم أديانهم]

أما اليهود فقد أنزل الله عليهم التوراة على يدي موسى بن عمران وكانت كما قال الله تعالى ﴿ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ وقال تعالى ﴿قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً﴾ وقال تعالى ﴿وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ﴾ وقال تعالى ﴿وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ * وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ وقال تعالى ﴿إِنّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اُسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النّاسَ وَاِخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً. وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ﴾ فكانوا يحكمون بها وهم متمسكون بها برهة من الزمان ثم شرعوا في تحريفها وتبديلها وتغييرها وتأويلها وإبداء ما ليس منها كما قال الله تعالى ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ فأخبر تعالى أنهم يفسرونها ويتأولونها ويضعونها على غير مواضعها وهذا مالا خلاف فيه بين العلماء وهو انهم يتصرفون في معانيها ويحملونها على غير المراد كما بدلوا حكم الرجم بالجلد والتحميم مع بقاء لفظ الرجم فيها وكما أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد مع أنهم مأمورون بإقامة الحد والقطع على الشريف والوضيع. فأما تبديل ألفاظها فقال قائلون بأنها جميعها بدلت وقال آخرون لم تبدل واحتجوا بقوله تعالى ﴿وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ﴾ وقوله ﴿الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ﴾ الآية) وبقوله ﴿قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ وبقصة الرجم فإنهم كما ثبت

في الصحيحين عن ابن عمر وفي صحيح مسلم عن البراء بن عازب وجابر بن عبد الله وفي السنن عن أبى هريرة

<<  <  ج: ص:  >  >>