للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره لما تحاكوا إلى رسول الله في قصة اليهودي واليهودية الذين زنيا فقال لهم ما تجدون في التوراة في شان الرجم فقالوا نفضحهم ويجلدون فأمرهم رسول الله بإحضار التوراة فلما جاءوا بها وجعلوا يقرءونها ويكتمون آية الرجم التي فيها ووضع عبد الله بن صوريا يده على آية الرجم وقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له رسول الله ارفع يدك يا أعور فرفع يده فإذا فيها آية الرجم فأمر رسول الله برجمهما وقال (اللهمّ إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه) وعند أبى داود أنهم لما جاءوا بها نزع الوسادة من تحته فوضعها تحتها وقال أمنت بك وبمن أنزلك وذكر بعضهم انه قام لها ولم أقف على اسناده والله أعلم. وهذا كله يشكل على ما يقوله كثير من المتكلمين وغيرهم ان التوراة انقطع تواترها في زمن بخت نصّر ولم يبق من يحفظها الا العزير ثم العزير ان كان نبيا فهو معصوم والتواتر الى المعصوم يكفى اللهمّ الا أن يقال انها لم تتواتر اليه لكن بعده زكريا ويحيى وعيسى وكلهم كانوا متمسكين بالتوراة فلو لم تكن صحيحة معمولا بها لما اعتمدوا عليها وهم أنبياء معصومون. ثم قد قال الله تعالى فيما انزل على رسوله محمد خاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه وعلى جميع الأنبياء منكرا على اليهود في قصدهم الفاسد إذ عدلوا عما يعتقدون صحته عندهم وانهم مأمورون به حتما الى التحاكم الى رسول الله وهم يعاندون ما جاء به لكن لما كان في زعمهم ما قد يوافقهم على ما ابتدعوه من الجلد والتحميم المصادم لما امر الله به حتما وقالوا ان حكم لكم بالجلد والتحميم فاقبلوه وتكونون قد اعتذرتم بحكم نبي لكم عند الله يوم القيمة وان لم يحكم لكم بهذا بل بالرجم فاحذروا ان تقبلوا منه فأنكر الله تعالى عليهم في هذا القصد الفاسد الّذي انما حملهم عليه الغرض الفاسد وموافقة الهوى لا الدين الحق فقال ﴿وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * إِنّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اُسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ﴾ الآية) ولهذا حكم بالرجم قال اللهمّ انى أول من أحيى أمرك إذ أماتوه وسألهم ما حملهم على هذا ولم تركوا امر الله الّذي بأيديهم فقالوا ان الزنا قد كثر في اشرافنا ولم يمكنا ان نقيمه عليهم وكنا نرجم من زنى من ضعفائنا فقلنا تعالوا الى أمر نصف نفعله مع الشريف والوضيع فاصطلحنا على الجلد والتحميم فهذا من جملة تحريفهم وتبديلهم وتغييرهم وتأويلهم الباطل وهذا انما فعلوه في المعاني مع بقاء لفظ الرجم في كتابهم كما دل عليه الحديث المتفق عليه فلهذا قال من قال هذا من الناس انه لم يقع تبديلهم الا في المعاني وان الألفاظ باقية وهي حجة عليهم إذ لو أقاموا ما في كتابهم جميعه لقادهم ذلك الى اتباع الحق ومتابعة الرسول محمد كما قال الله تعالى ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ الآية وقال تعالى ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>