وليكونوا على أطراف البلاد حولهم على المياه، وأن تكون كل قبيلة تنظر إلى الأخرى بحيث إذا حدث حدث على قبيلة لا يخفى أمرها على جيرانهم. وتفاقم الحال جدا، وذلك في ذي القعدة من سنة ثلاث عشرة، وقد حج بالناس عمر في هذه السنة وقيل بل حج بهم عبد الرحمن بن عوف ولم يحج عمر هذه السنة والله أعلم.
[ذكر ما وقع في هذه السنة]
أعنى سنة ثلاث عشرة من الحوادث إجمالا، ومن توفى من الأعيان كانت فيها وقائع تقدم تفصيلها ببلاد العراق على يدي خالد بن الوليد ﵁، فتحت فيها الحيرة والأنبار وغيرهما من الأمصار، وفيها سار خالد بن الوليد من العراق إلى الشام على المشهور.
وفيها كانت وقعة اليرموك في قول سيف بن عمر واختيار ابن جرير، وقتل بها من قتل من الأعيان ممن يطول ذكرهم وتراجمهم ورضى الله عنهم أجمعين. وفيها توفى أبو بكر الصديق. وقد أفردنا سيرته في مجلد ولله الحمد. وفيها ولى عمر بن الخطاب ﵁ يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة منها فولى قضاء المدينة على بن أبى طالب ﵁ واستناب على الشام أبا عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري، وعزل عنها خالد بن الوليد المخزومي، وأبقاه على شورى الحرب. وفيها فتحت بصرى صلحا وهي أول مدينة فتحت من الشام، وفيها فتحت دمشق في قول سيف وغيره كما قدمنا واستنيب فيها يزيد بن أبى سفيان فهو أول من وليها من أمراء المسلمين ﵃. وفيها كانت وقعة فحل من أرض الغور وقتل بها جماعة من الصحابة وغيرهم. وفيها كانت وقعة جسر أبي عبيد فقتل فيها أربعة آلاف من المسلمين منهم أميرهم أبو عبيد بن مسعود الثقفي، وهو والد صفية امرأة عبد الله بن عمر وكانت امرأة صالحة رحمهما الله. ووالد المختار بن أبي عبيد كذاب ثقيف وقد كان نائبا على العراق في بعض وقعات العراق كما سيأتي. وفيها توفى المثنى بن حارثة في قول ابن إسحاق، وقد كان نائبا على العراق استخلفه خالد بن الوليد حين سار إلى الشام، وقد شهد مواقف مشهورة وله أيام مذكورة ولا سيما يوم البويت بعد جسر أبي عبيد قتل فيه من الفرس وغرق بالفرات قريب من مائة ألف، والّذي عليه الجمهور أنه بقي إلى سنة أربع عشرة كما سيأتي بيانه وفيها حج بالناس عمر بن الخطاب في قول بعضهم وقيل بل حج عبد الرحمن بن عوف. وفيها استنفر عمر قبائل العرب لغزو العراق والشام فأقبلوا من كل النواحي فرمى بهم الشام والعراق. وفيها كانت وقعة أجنادين في قول ابن إسحاق يوم السبت لثلاث من جمادى الأولى منها. وكذا عند الواقدي فيما بين الرملة وبين جسرين وعلى الروم القيقلان وأمير المسلمين عمرو بن العاص، وهو في عشرين ألفا في قول فقتل القيقلان وانهزمت الروم وقتل منهم خلق كثير. واستشهد من المسلمين أيضا جماعة منهم هشام بن العاص