للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَطَعَ خِنْصَرَهُ ثُمَّ أَطْلَقَهُ إِهَانَةً لَهُ، وَإِظْهَارًا لعظمة الإسلام وأهله. وفيها كانت الخطبة للحاكم العبيدي، وتجدد في الْخُطْبَةِ أَنَّهُ إِذَا ذَكَرَ الْخَطِيبُ الْحَاكِمَ يَقُومُ الناس كلهم إجلالا له، وَكَذَلِكَ فَعَلُوا بِدِيَارِ مِصْرَ مَعَ زِيَادَةِ السُّجُودِ له، وَكَانُوا يَسْجُدُونَ عِنْدَ ذِكْرِهِ، يَسْجُدُ مَنْ هُوَ في الصلاة ومن هو في الأسواق يسجدون لسجودهم، لعنه الله وقبحه.

[وممن توفى فيها من الأعيان]

[أبو سعيد الإسماعيلي]

إبراهيم بن إسماعيل أبو سعيد الجرجاني، المعروف بالإسماعيلي، ورد بغداد والدار قطنى حىّ فحدث عن أبيه أبى بكر الإسماعيلي والأصم بن عَدِيٍّ، وَحَدَّثَ عَنْهُ الْخَلَّالُ وَالتَّنُوخِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً فقيها فاضلا، عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، عَارِفًا بِالْعَرَبِيَّةِ، سَخِيًّا جَوَّادًا على أهل العلم، وله ورع ورياسة إِلَى الْيَوْمِ فِي بَلَدِهِ إِلَى وَلَدِهِ. قَالَ الخطيب: سمعت الشيخ أبا الطيب يقول: ورد أبو سعيد الْإِسْمَاعِيلِيُّ بَغْدَادَ فَعَقَدَ لَهُ الْفُقَهَاءُ مَجْلِسَيْنِ تَوَلَّى أَحَدَهُمَا أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ، وَتَوَلَّى الثَّانِيَ أَبُو محمد الباجي، فبعث الباجي إِلَى الْقَاضِي الْمُعَافَى بْنِ زَكَرِيَّا الْجَرِيرِيِّ يَسْتَدْعِيهِ إلى حضور المجلس ليجمل المجلس، وَكَانَتِ الرِّسَالَةُ مَعَ وَلَدِهِ أَبِي الْفَضْلِ، وَكَتَبَ عَلَى يَدِهِ هَذَيْنَ الْبَيْتَيْنِ:

إِذَا أَكْرَمَ الْقَاضِي الْجَلِيلُ وَلِيَّهُ ... وَصَاحَبَهُ أَلْفَاهُ لِلشُّكْرِ مَوْضِعَا

وَلِي حَاجَةٌ يَأْتِي بُنَيَّ بِذَكْرِهَا ... وَيَسْأَلُهُ فِيهَا التَّطَوُّلَ أَجْمَعَا

فَأَجَابَهُ الْجَرِيرِيُّ مَعَ وَلَدِ الشَّيْخِ:

دَعَا الشيخ مطواعا سميعا لأمره ... نواتيه طوعا حيث يرسم أصنعا

وَهَا أَنَا غَادٍ فِي غَدٍ نَحْوَ دَارِهِ ... أبادر ما قد حده لي مسرعا

توفى الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَجْأَةً بِجُرْجَانَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ، فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، فلما قرأ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ١: ٥ فاضت نفسه فمات رحمه الله.

[محمد بن أحمد]

ابن مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بن بحير أبو عمر والمزكي، الحافظ النيسابورىّ، ويعرف بالحيرى، رَحَلَ إِلَى الْآفَاقِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَكَانَ حَافِظًا جَيِّدَ الْمُذَاكَرَةِ، ثِقَةً ثَبْتًا، حَدَّثَ بِبَغْدَادَ وغيرها من البلاد، وتوفى في شعبان عَنْ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً.

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ

الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ أَبُو عَبْدِ الله الأصفهانيّ الحافظ، كان ثبت الْحَدِيثِ وَالْحِفْظِ، رَحَلَ إِلَى الْبِلَادِ الشَّاسِعَةِ، وَسَمِعَ الكثير وصنف التاريخ، والناسخ والمنسوخ. قال أبو العباس جعفر بن محمد: ما رأيت أحفظ من ابن مندة، توفى في أصفهان في صفر منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>