للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلم، واختصرت لي الحكمة اختصارا * ولا شك أن العرب أفصح الأمم، وكان النبي أفصحهم نطقا، وأجمع لكل خلق جميل مطلقا *

[القول فيما أوتى سليمان بن داود ]

قال الله تعالى: ﴿فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ * وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنّاءٍ وَغَوّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ * هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ * وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ وقال تعالى: ﴿وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ * وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ وَكُنّا لَهُمْ حافِظِينَ﴾ وقال تعالى ﴿وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اِعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ وقد بسطنا ذلك في قصته، وفي التفسير أيضا، وفي الحديث الّذي

رواه الإمام أحمد وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم في مستدركه عن عبد الله بن عمرو عن النبي : أن سليمان لما فرغ من بناء بيت المقدس سأل الله خلالا ثلاثا، سأل الله حكما يوافق حكمه، وملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وأنه لا يأتى هذا المسجد أحد إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. أما تسخير الريح لسليمان فقد قال الله تعالى في شأن الأحزاب: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً﴾ وقد تقدم في الحديث الّذي

رواه مسلّم من طريق شعبة عن الحاكم عن مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله قال: نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور * ورواه مسلّم من طريق الأعمش عن مسعود بن مالك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي مثله.

وثبت في الصحيحين: نصرت بالرعب مسيرة شهر.

ومعنى ذلك أنه كان إذا قصد قتال قوم من الكفار ألقى الله الرعب في قلوبهم قبل وصوله إليهم بشهر، ولو كان مسيره شهرا، فهذا في مقابلة: غدوها شهر ورواحها شهر، بل هذا أبلغ في التمكن والنصر والتأييد والظفر، وسخرت الرياح تسوق السحاب لا نزال المطر الّذي امتن الله به حين استسقى رسول الله في غير ما موطن كما تقدم * وقال أبو نعيم: فأن قيل: فأن سليمان سخرت له الريح فسارت به في بلاد الله وكان غدوها شهرا ورواحها شهرا. قيل: ما أعطى محمد أعظم وأكبر، لانه سار في ليلة واحدة من مكة إلى بيت المقدس مسيرة شهر، وعرج به في ملكوت السموات مسيرة خمسين ألف سنة، في أقل من ثلث ليلة، فدخل السموات سماء سماء، ورأى عجائبها، ووقف على الجنة والنار، وعرض عليه أعمال أمته، وصلّى بالأنبياء وبملائكة السموات، واخترق الحجب، وهذا كله في

<<  <  ج: ص:  >  >>